على بُعد أيام قليلة على موعد الدخول المدرسي، حذّرت بعض جمعيات أولياء التلاميذ من ظاهرة “التنمّر” داخل الحجرات الدراسية؛ لما لهذه الظاهرة من آثار سلبية على نفسية التلاميذ، قد تصل إلى درجة “الهدر المدرسي”.
وطالب أولياء التلاميذ الوزارة الوصية على قطاع التربية الوطنية بـ”تجاوز التوجيهات الكتابية للمؤسسات التعليمية حول ظاهرة التنمر المدرسي إلى تفعيل إجراءات ملموسة لحماية التلاميذ”.
وأبرزت المصادر عينها أن التنمّر المدرسي “ظاهرة تلقي، منذ القديم، بظلالها على المدارس المغربية؛ غير أن التطوّر التكنولوجي الحاصل عمّق من آثارها الجانبية”.
وفي هذا الصدد، قال نور الدين عكوري، رئيس فيدرالية آباء وأمهات وأولياء التلاميذ بالمغرب، إن “ظاهرة التنمّر بالمدارس تنتعش في الدخول المدرسي، وتؤثّر بشكل كبير على الوافدين الجدد”.
وأضاف عكوري، ضمن تصريح لنا ، أن التلاميذ الجدد الذين يلجون المدارس العمومية قادمين من القطاع الخاص “هم الفئة الأكثر تضرّرا من التنمر؛ لأنهم يجدون بيئة تعليمية مختلفة تماما”.
وأورد المتحدث عينه أن الوزارة الوصية “مطالبة بإجراءات جديدة تتجاوز المذكّرات التوجيهية، تماشيا مع التطور التكنولوجي الذي جعل التلاميذ ضحايا التنمر أمام مواجهة مستمرة مع هذه الظاهرة؛ حتى لو غيّروا المدارس”.
وتابع رئيس فيدرالية آباء وأمهات وأولياء التلاميذ بالمغرب: “ظاهرة التنمّر بالمدارس قديمة، ولا تهمّ المغرب فقط؛ بل كل العالم”، مشيرا إلى أن “المشكل في المغرب هو وصول تأثيراتها إلى حد تخلي التلميذ عن الدراسة”.
وأفاد عكوري بأن التنمّر المدرسي “يخلّف آثارا جد وخيمة على نفسية التلاميذ”، لافتا إلى أن “هذا الأمر وصل، في بعض الأحيان، حسب الشكايات التي تم التوصل بها، إلى قيام أساتذة أنفسهم بعملية التنمّر، وهو ما جعل التلاميذ الضحايا يواجهون نعوتا طالتهم طيلة فترة التمدرس”، وفق تعبيره.
وأوضح المتحدث أن “مواجهة هذه الظاهرة تتطلب أيضا شق التوعية والتحسيس وانخراط المؤسسات التعليمية، خاصة الأساتذة في هذه العملية”، مبرزا أن “فئة أخرى تعاني الأمر، وهم ذوو الاحتياجات الخاصة”.
من جانبه، نبّه جمال شفيق، خبير تربوي، إلى “اتساع مفهوم التنمّر، لتصل قاعدته إلى المنزل والمحيط المجتمعي الذي يؤثّر على سلوكات التلميذ داخل الحجرات الدراسية”.
وأضاف شفيق، في حديث لنا ، أن مواجهة هذه الظاهرة البنيوية “تبدأ عبر انخراط المؤسسات التعليمية، والأساتذة في عملية الانضباط داخل القسم الذي يعدّ النجاح في تحقيقه عرقلة واضحة لحدوث مظاهر سلبية عديدة؛ مثل التنمّر”.
وأورد المتحدث عينه أن “حديث أولياء الآباء عن وجود أساتذة يتنمّرون على التلاميذ مطروح؛ لكن بنسب نادرة”، مشيرا إلى أن “الأساتذة هم أيضا يواجهون ضغوطا نفسية اجتماعية تؤثّر على عملية ضبطهم للقسم”.
وتابع الخبير التربوي ذاته: “من المهم معرفة أن الجيل الحالي من التلاميذ مخالف للجيل السابق، حيث كانت مجموعة من القيم والأخلاق حاضرة”، مشددا على أن “ظاهرة التنمّر عشّشت في السنوات الأخيرة بالنظر إلى التطور التكنولوجي الحاصل”.
وزاد: “الآباء والأمهات هم، أيضا، ملزمون بتحقيق تربية سليمة للأبناء في المنزل من أجل مساعدة الأساتذة على تحقيق الانضباط داخل القسم”، مشيرا إلى أن “الأساتذة، بدورهم، مدعوون إلى الانخراط في تأهيل الحجرات الدراسية لتكون بيئة نفسية صالحة للتحصيل المدرسي وفضاء للاحترام والتعاون، وتجنّب الإضرار النفسي بالآخر”.