فيما بدأ العد التنازلي لعودة أبناء المغاربة إلى مقاعد الدراسة بمؤسسات التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي، يكثّف الكتبيون خطواتهم من أجل التنبيه إلى “استمرار” بعض مؤسسات التعليم الخصوصي في “السطو” على اختصاص حصري لهم، هو بيع المقررات الدراسية، في إثارة لخلاف قديم متجدد بين الطرفين.
رابطة الكتبيين بالمغرب التي ناشدت وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، في يوليوز الماضي، التدخل لوضع حد “لممارسة غير قانونية تهدد المهنيين بالإفلاس”، طرقت في الآونة الأخيرة أبواب مجموعة من المدراء الإقليميين للوزارة والعمال من أجل “رفع الضرر” الذي يلحق الكتبيين من جراء بيع مؤسسات التعليم الخصوصي المقررات الدراسية.
وراسلت الرابطة عامل مدينة سلا، الجمعة، من أجل التدخل لتنظيم وضبط هذا “النشاط غير القانوني” بتراب العمالة، مرفقة رسالتها بلوائح مدرسية تشير إلى بيع الكتب داخل مؤسسات التعليم الخاص، تكشف، بحسب الرابطة في حديث لهسبريس أن “هذه المؤسسات لم تعد تتحرج من المجاهرة بخرق القانون”.
ويقرّ ممثلو أرباب المدارس الخاصة بأن “حق الاحتجاج مكفول للكتبيين، إلا أنه يجب التنبيه إلى أن بيع الكتب المستوردة التكميلية تحديدا ممارسة شاذة من بعض مؤسسات التعليم الخاص، تجد تفسيرها في عدم توفير المكتبات العرض الكافي من هذه الكتب”، مؤكدين أن “عملية البيع تأخذ بعين الاعتبار ضمان مصلحة التلميذ، لا مراكمة الأرباح”.
“المجاهرة بالخرق”
لحسن المعتصم، رئيس اتحاد الكتبيين بالمغرب ، قال إن “حدة الظاهرة تفاقمت هذه السنة؛ بحيث باتت بعض مؤسسات التعليم الخاص تجاهر ببيعها الكتب المدرسية من خلال الإشارة في لوائح اللوازم المدرسية التي تقدّم إلى آباء وأولياء التلاميذ إلى توفر مقرري اللغتين الإنجليزية والفرنسية ومقررات المواد العلمية باللغة الفرنسية داخل المؤسسة”، معتبرا الأمر “بمثابة إخلال مؤسسات التعليم الخاص بالتزامها بعدم فرض بيع الكتب على الأسر، بموجب العقد النموذجي الذي يربط جمعيات الآباء وأرباب هذه المؤسسات، والذي علّق الكتبيون الآمال عليه لوضع حد لهذه الممارسة غير القانونية، خاصة أن الوزارة الوصية هي الساهرة على تنفيذه”.
وأكد المعتصم، في تصريح لهسبريس، أن “دور مؤسسات التعليم الخصوصي بموجب القانون المنظم لنشاطها، هو التربية لا ممارسة التجارة، ومن خلال بيعها الكتب المدرسية إنما تقوم بالسطو على اختصاص حصري للكتبيين”، مشيرا إلى أن “هذه المؤسسات تتعمد عدم الإعلان عن الكتب المدرسية المقررة بمتم شهر يونيو، مما لا يسمح للكتبيين بتوفير هذه الكتب مع بدء الدخول المدرسي بسبب طول إجراءات الاستيراد والنقل التي تتطلب شهرين على الأقل، وتزامنا مع ذلك تعمد هذه المؤسسات إلى التواصل مع المستوردين لضمان حصولها على الكتب المستوردة بشكل مباشر، في ما ينطوي على تواطؤ بين الجانبين”.
وشدد رئيس رابطة اتحاد الكتبيين بالمغرب على أن “هذه الممارسة غير القانونية تنطوي على خسائر جمة للكتبي الملزم بالتصريح بعدد المبيعات وأداء الضريبة على الأرباح سنويا؛ لأن المؤسسات الخصوصية تقتني الكتب المدرسية في النّْوارْ، وهو ما يجعلها تحصل على مداخيل مهمة دون أن تؤدي أي ضرائب لفائدة الدولة”، مؤكدا أن “اتحاد الكتبيين سيعمل طيلة الدخول المدرسي المقبل على مراسلة عمال العمالات والأقاليم الذين تتبع لهم المدن التي تنتشر فيها هذه الممارسة بغرض تنبيه وجزر مرتكبيها”.
“بدون هدف ربحي”
هسبريس نقلت المعطيات الواردة على لسان المعتصم إلى عبد العزيز بوقدير، رئيس فيدرالية التعليم الخاص المكلف بقطاع التعليم المدرسي الخصوصي، الذي أكد بداية أنه “مبدئيا، من حق الكتبيين أن يثيروا هذا النقاش، كل سنة، لأن مؤسسات التعليم الخصوصي تتقاسم مع مؤسسات التعليم العمومي دور التربية، وليست بأي حال متاجر لبيع الكتب أو اللوازم المدرسية”، إلا أنه شدد على أن “نسبة المدارس الخاصة التي تقوم بهذه الممارسة تبقى محدودة جدا مقارنة بعدد مؤسسات التعليم الخصوصي المنتشرة بالمغرب”.
وأضاف أن “شح الكتب المستوردة التكميلية في بعض المواد يجعل مؤسسات التعليم الخصوصي مضطرة لاستيراد هذه الكتب وبيعها إلى أولياء التلاميذ بدون أي أهداف ربحية، حتى تضمن الشروع في تدريس هذه المواد فور بدء الموسم الدراسي دون أي تأخير”، مشيرا إلى أن “الكتبيين أنفسهم يقرون بعدم قدرتهم على استيراد الكميات التي تفي بحاجة المدارس الخصوصية، بالنظر إلى الأثمان المرتفعة للكتب المستوردة من جهة، ومصاريف الاستيراد والنقل الملتهبة بدورها من جهة ثانية”.
وأوضح نائب رئيس فيدرالية التعليم الخاص المكلف بقطاع التعليم الخصوصي أن “من الحيف مطالبة مؤسسات التعليم الخصوصي بتسليم لوائح الكتب المدرسية المقررة بمتم يونيو واستثناء مؤسسات التعليم العمومي”، مؤكدا أن “العديد من مؤسسات التعليم الخاص تقوم بتسليم هذه اللوائح في أشهر يونيو ويوليوز وغشت، فيما تفضّل أخرى التريّث تفاديا لأي تغيير في المقررات الدراسية، وهو ما يصبّ بالدرجة الأولى في مصلحة آباء وأولياء التلاميذ”.
وشدد المتحدث ذاته، في ختام تصريحه لهسبريس، على أن “العقد النموذجي المؤطر للعلاقة بين الأسر ومؤسسات التعليم الخصوصي، المرتقب أن يدخل حيز التنفيذ هذا الموسم، ينص على عدم إلزام الأولياء بشراء الكتب المستوردة التكميلية، وليس منع المؤسسات من بيعها”، مؤكدا مرة أخرى أن “المؤسسات تستورد هذه الكتب وعينها على مصلحة التلميذ لا الربح، ويبقى شراؤها من عدمه اختيارا للأسر”.