recent
آخر المواضيع

تقرير: البنوك تمتص صدمات الاقتصاد .. وزيادة الأجور تؤجل أزمة أنظمة التقاعد

 
“على الرغم من الحالة الاقتصادية الصعبة غير المواتية، فإن دعامات وركائز النظام المالي المغربي لا تزال قوية ومتماسكة”، كانت هذه أبرز خلاصات التقرير السنوي حول “الاستقرار المالي بالمغرب”، في إصداره الحادي عشر برسم السنة المالية 2023، مبرزا أن “الزيادة التي تقررت في رواتب الموظفين خلال دورة أبريل 2024 للحوار الاجتماعي ستُؤجل قليلا استنفاد احتياطيات بعض أنظمة التقاعد بالمغرب”.

وأكد التقرير، الصادر حديثا عن البنك المركزي المغربي بتعاون مع هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي والهيئة المكلفة بتنظيم سوق الرساميل، أن الاقتصاد الوطني واصل، طيلة سنة 2023، إظهار متانة وقوة في دينامية الصمود والمرونة المدشنة منذ فترة جائحة كورونا مطلع 2020.

“البنوك تمتص صدمات الاقتصاد”

وحسب ما طالعنا علي النسخة الكاملة للتقرير، فإن “القطاع البنكي قد عززَ قوة قاعدته المالية، من خلال زيادة أرباحه والحفاظ على أصوله الخاصة عند مستويات مُريحة”، مسجلا أنه “على صعيد الربحية والمردودية، كان أداء البنوك جيدا، مدفوعا بشكل رئيسي بأنشطة السوق، حيث ارتفعت أرباحها بنسبة 158 في المائة بعد أن كانت قد انكمشت بنسبة 51,6 في المائة في العام السابق”.

وحافظ القطاع البنكي على مكانته متصدرا لمؤشرات القطاع المالي المغربي، إذ يظل “المكون الرئيسي” لهذا الأخير، بحكم “امتلاكه حوالي 61 في المائة من إجمالي الأصول”.

وبينما سُجل انتعاش “صافي الأرباح على أساس اجتماعي” بنسبة 20.4 في المائة في عام 2023، قدر التقرير السنوي ذاته أن ذلك “أعطى عائدا على الأصول بنسبة 0.7 في المائة وعائدا على “الأصول والأموال الخاصة” بنسبة 8 في المائة”.

كما تحسنت “الملاءة المالية للمؤسسات البنكية/المصرفية” (المعروفة اقتصاديا بـاسم la solvabilité des institutions bancaires)؛ فقد بلغت، وفق بيانات التقرير، نسبة الرأسمال الأساسي 11.2 في المائة ومتوسط نسبة الملاءة المالية 15.5 في المائة. وعلى أساس موحد، بلغت هاتان النسبتان 10.5 في المائة و13.5 في المائة، على التوالي، في عام 2023.

في ظل هذه الشروط، فإن “اختبارات الملاءة المالية للاقتصاد الكلي”، التي أجراها بنك المغرب على أساس توقعاته للاقتصاد الكلي لشهر يونيو 2024، أكدت، مجددا، “قدرة البنوك على امتصاص الصدمات الاقتصادية مع الاستمرار في تلبية المتطلبات التنظيمية”.

التأمينات والتقاعد

حسب خلاصات التقرير الرسمي، فإن سنة 2023 شهدت “تمكن قطاع التأمين من الحفاظ على نموه، وإنْ كان بمعدل أبطأ من المعتاد والمعهود”.

رقم معاملات قطاع التأمينات “ارتفع بنسبة 3.9 في المائة؛ ليصل حجما ماليا قدره 55,9 مليارات درهم”، مدفوعا بشكل رئيسي بـ”فرع التأمين على غَيْر الحياة branche non-vie) 5.8%)”. بالمقابل “تباطأت مبيعات التأمين على الحياة إلى 1.8 في المائة، مقارنة مع 11.9 في المائة كمتوسط، على مدى السنوات العشر الماضية”.

من جانبه، تأثر فرع “الادخار” بشكل خاص إثر “المناخ الاقتصادي الصعب والتحول في أسعار الفائدة”.

“لا يزال الوضع المالي لأنظمة المعاش والتقاعد الأساسي الرئيسية صعبا”، رصد تقرير الاستقرار المالي معتبرا أن “تطبيق القرارات المتعلقة بزيادة الرواتب التي تم اتخاذها خلال دورة الحوار الاجتماعي الأخير (29 أبريل 2024) من شأنه أن يؤجل قليلا استنفاد احتياطيات نظامي الصندوق المغربي للتقاعد CMR-RPC وRCAR (النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد)، لكن دون ضمان استمراريتها على المدى الطويل”.

وأوصى التقرير أنه “مِن الضروري تنفيذ إصلاح منهجي ونسَقي لهذا القطاع، من خلال إدخال نظام من مستويين (عمومي وخاص)، والذي تم وضع المبادئ التوجيهية الاستراتيجية له في اتفاق الحوار الاجتماعي المذكور؛ مشددا: “ينبغي أن يتيح هذا الإصلاح إدخال نظام تعرفة (tarification) لأنظمة التقاعد قادر على استيعاب جزء كبير من التزاماتها السابقة غير المغطاة”.

ديون الأسر “شبه مستقرة”

عند استقراء جريدة هسبريس لبيانات التقرير، أبان “تطور الوضعية المالية للفاعلين غير الماليين” (الأسر والمقاولات) عن “انتقال الديْن المالي للأسر المغربية إلى 28 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من 30 في المائة في عام 2022”. وظل معدل نموها دون تغيير تقريبا (شبه مستقر) عند 3,5 في المائة.

ويعكس هذا الوضع، حسب البنك المركزي، صورة عن “انتعاش” حصل سنة 2023 في القروض الاستهلاكية مقابل “تباطؤ حاد في قروض السكن والعقار”، في وقت ارتفعت فيه “قروض الأسر متعثرة الأداء” بنسبة 6.5 في المائة مع بلوغ معدل التخلف عن السداد 10,2 في المائة نهايةَ 2023.

من جهتها، تباطأت الديون المالية لفئة “الشركات والمؤسسات غير المالية” بشكل ملحوظ في عام 2023، حيث انخفضت إلى 0.2 في المائة من 9.5 في المائة في العام السابق، واستقرت عند حوالي 905 مليارات درهم، أو ما يساوي 62 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ68 في المائة في العام السابق.

هذا التباطؤ أثّر، “بشكل خاص”، على الديون البنكية. ويرجع ذلك، على وجه الخصوص، إلى انكماش القروض النقدية للشركات الخاصة. وفي الوقت نفسه، ارتفع حجم الديون المستحقة على المقاولات غير المالية بنسبة 6.9 في المائة أخرى؛ مما رفع معدل التخلف عن السداد إلى 11.4 في المائة.

ماكرواقتصاد.. “مزيد من التحسن”

في قراءته لأوضاع الاستقرار المالي خلال السنة المالية المنصرمة، لفت التقرير، ضمن إشارة دالة، إلى “انخفاض في عجز الحساب الجاري”، بالموازاة مع رصد السلطات المالية المغربية “مزيد من التحسن في عجز الميزانية” بالمغرب.

وفيما يتعلق بمؤشرات الاقتصاد الكلي (المستوى الماكرو-اقتصادي)، أبرز التقرير الرسمي ذاته أن “عام 2023 بصَم على انخفاضا في عجز الحساب الجاري إلى 0,6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ3,6 في المائة في عام 2022، نتيجة استمرار زخم إيرادات/مداخيل السفر وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، فضلا عن انخفاض العجز التجاري بفضل انخفاض الواردات إلى جانب الأداء الجيد للصادرات، لا سيما من قطاع السيارات”.

كما واصل عجز الميزانية (عجز الموازنة)، باستثناء عائدات بيع ممتلكات الدولة، “اتجاهه التنازلي”، وفق الوثيقة التي شرحت أن “العجز انخفض إلى 4.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023 بعد أن كان 5.4 في المائة في عام 2022″، عازية فضل ذلك إلى “التحسن الملحوظ في الإيرادات الضريبية، وزيادة استخدام آليات التمويل المبتكرة، وتعبئة موارد كبيرة ومهمة من خلال الصندوق الذي أُنشئ لإدارة وتدبير آثار زلزال الحوز” (شتنبر 2023).

في ظل هذه الظروف، انخفضت مديونية الخزينة في المغرب بمقدار نقطتيْن مئويتيْن خلال سنة مالية واحدة، إلى 69.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بعد أن كانت 71.5 في المائة متم عام 2022.

وحسب المصدر ذاته، “من المنتظَر أن يستقر العجز الميزانياتي في عام 2024 قبل أن يتراجع إلى 4.1 في المائة في عام 2025؛ في حين أن نسبة ديون الخزينة إلى الناتج المحلي الإجمالي سترتفع قليلا إلى 70.1 في المائة في عام 2024 قبل أن تتراجع إلى 68.5 في المائة متم عام 2025”.

يشار إلى أن تقرير المؤسسات المالية الوطنية الثلاث حول الاستقرار المالي خضع للمراجعة والمصادقة عليه من قبل “لجنة التنسيق والإشراف على المخاطر النظامية (CCSRS)”، قبل نشره موزعا على أربعة فصول.

google-playkhamsatmostaqltradent