في إطار مناقشة بحوث أكاديمية عبر تقنية الميتافيرس بالجامعات المغربية، يُطلّ الإعلام الرقمي كمحور أساسي لتعزيز مسيرة البحث العلمي وترسيخ الرقمنة كواقع ملموس، سيما في هذه البيئة الافتراضية ثلاثية الأبعاد التي تتيح للمستخدمين التفاعل مع بعضهم البعض.
ويدمج الميتافيرس تقنيات متعددة مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز والذكاء الاصطناعي و البلوكشين والاتصال بالإنترنت، لتقديم تجارب غامرة تحاكي الواقع بشكل كبير، والتي لم تعد حبيسة مواقع التواصل الاجتماعي، بل أصبحت وسيلة حديثة تقتحم بقوة مجال التعليم وتكرس جهود مواكبة التحولات الرقمية.
وشهدت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الأول بوجدة، في يوليوز الماضي، مناقشة بحث ماستر بعنوان الممارسة الإعلامية في ظل ثورة الميتافيرس ، باستخدام تقنية الميتافيرس، لأول مرة في المغرب.
وفي هذا السياق، أشار مهدي عامري، الأستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، إلى أن التقنيات الحديثة باتت تلعب دورًا جوهريًا في حياتنا اليومية، وعلى رأسها تقنية الميتافيرس التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من تفاعلاتنا مع العالم، مشيرا إلى أن هذه التحولات، تفرض علينا ضرورة التعمق في دراسة انعكاساتها على مختلف الميادين، ولا سيما التعليم والبحث الأكاديمي.
وأوضح المتحدث نفسه أن تقنية الميتافيرس تمثل واحدة من أهم الابتكارات التكنولوجية في العصر الحديث، إذ تحمل في طياتها إمكانات غير محدودة قد تغير الطريقة التي نتفاعل بها مع محيطنا، فهي تسمح بتجاوز الحدود الجغرافية وتوفر فرصًا لعرض الأبحاث الأكاديمية بطرق مبتكرة، مرئية وتفاعلية، تجعل من التواصل بين الباحثين والحضور تجربة أكثر غنى وإثراء ، مضيفا إنها تقنية غامرة تمنح نقاشات البحث العلمي حيوية خاصة، مما يجعلها أكثر جذبًا وتفاعلًا بين المشاركين .
وأقرّ عامري أن تعميم هذه التقنية على نطاق واسع يتطلب توفير بنية تحتية متينة تشمل شبكات إنترنت عالية السرعة وأجهزة متطورة تقنيًا، منبها إلى أن التكلفة المادية العالية قد تشكل عائقًا أمام الجامعات التي تعاني من قلة الموارد.
ورغم ذلك، نبه الأساتذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال من تفاقم الفجوة الرقمية بين الطلاب بسبب عجز البعض عن الوصول إلى الأجهزة والبنية التحتية اللازمة للمشاركة في هذه التجربة التعليمية المستقبلية.
ودعا المتحدث عينه إلى ضرورة التعامل بحذر مع إدماج تقنية الميتافيرس في المجال الأكاديمي، مبرزا أن مناقشة أبحاث التخرج باستخدام هذه التقنية تمثل قفزة نوعية في مجال التعليم العالي، حيث تفتح آفاقًا جديدة للتفاعل والتعلم، لافتا إلى أيضا إلى أهمية وضع استراتيجيات شاملة تضمن توفير البنية التحتية المطلوبة.
وشدد مهدي عامري على أنه موازة مع هذه النقلة التكنولوجية في المجال الأكاديمي يلزمنا التركيز أيضا على حماية الخصوصية والأمن الإلكتروني، والعمل على تقليص الفجوة الرقمية بين الطلاب لضمان استفادة الجميع من هذه التجربة الواعدة التي تمثل مستقبل التعليم والتفاعل الأكاديمي .