أعادت فوضى أسعار التسجيل في التعليم الخاص و عشوائية تحديد الكلفة الشهرية للدراسة بها النقاش حول موقع مضامين القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي في تأطير هذا التسيب وتخليص الأسر من جشع مؤسسات التعليم الخاص؛ حيث أرجع الخبير في الشأن التربوي، خالد الصمدي، استمرار الفوضى إلى تعطيل تنزيل القانون الإطار.
وأضاف الصمدي، في تصريح لجريدة مدار21 ، أن إشكالية فوضى التعليم الخاص منصهرة في إشكالية أكبر وهي التعطيل شبه التام لمقتضيات القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي وتأخير إصدار عدد من النصوص التطبيقية الخاصة به ، مبرزا أن السؤال الذي يجب أن نطرحه الآن هو: لماذا تأخرت هذه النصوص القانونية؟ .
وتشير المادة 44 من القانون الإطار إلى أن الدولة تعمل من أجل تحقيق الأهداف المنصوص عليها في هذا القانون الإطار على وضع إطار تعاقدي استراتيجي شامل يحدد مساهمة القطاع الخاص في تطوير منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، والرفع من مردوديتها، وتمويلها، وتحسين جودتها، وتنويع العرض التربوي والتعليمي والتكويني مع مراعاة مبادئ التوازن المجالي على الصعيد الترابي وأولوية المناطق ذات الخصاص في البنيات المدرسية .
وأوردت المادة ذاتها أن هذا الإطار التعاقدي الاستراتيجي الشامل يحدد الإجراءات والتدابير التحفيزية التي يمكن أن يستفيد منها القطاع المذكور، في إطار تنفيذ الالتزامات التعاقدية المبرمة بينه وبين الدولة .
وفي ما يتصل بالرسوم والواجبات الشهرية التي تثير سخطاً كبيرا من طرف الأولياء خلال الأيام الأخيرة، تسجل المادة نفسها أنه يجب أن تراعى في الإطار التعاقدي المشار إليه في الفقرة السابقة بصفة خاصة معايير الحكامة والجودة والتمركز الجغرافي وتكاليف التمدرس والمردودية .
صمدي الذي كان يشغل منصب كتابة الدولة لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، في حكومة سعد الدين العثماني، واصل أنه من بين المراسيم التطبيقية المعطلة؛ قاعدة تنص على إخراج التعاقد الاستراتيجي الشامل ، مسجلا أن هذه الوثيقة لا تكتفي فقط بالإشارة إلى الأسعار وإنما تؤطر أيضا التحفيزات الضريبية والنقل وعدد من الأمور الاخرى المرتبطة بالتعليم الخاص كمؤسسات مكملة للمؤسسات العمومية .
وأورد المهتم بقضايا التعليم أنه لا يمكن اعتبار مدارس التعليم الخاص شركات بالمنطق الذي تشتغل به مقاولات خاصة لفي قطاعات آخرى ، مبرزا أن الذي يمنع من عملها بمنطق الشركات هو كونها تقدم خدمة عمومية .
وفي تفصيله للمقتضيات التي يتضمنها التعاقد الاستراتيجي الشامل، أشار الخبير في الشأن التربوي والتعليمي إلى أنه يحدد العلاقة بين الخدمات والأسعار ، وزاد موضحا أن الأساس هو أن الدولة تحدد شبكة من الخدمات وما يوازيها من أسعار عوض فسح المجال أمام المستثمرين لرفع الأسعار بشكل عشوائي .
وأوضح المتحدث ذاته أنه من المفروض أن تتدخل الدولة لتحديد الحد الأدنى من الخدمات الواجب توفيرها لفتح مدرسة خاصة مقابل فتح المجال أمام المدارس التي تود في إدراج خدمات إضافية لكن مع أخدها بعين الاعتبار على مستوى الأسعار .
وسجل الصمدي أنه من الطبيعي أن تعم الفوضى في قطاع التعليم الخاص في ظل عدم إخراج التعاقد الاستراتيجي الشامل ، مشددا على أن هذا القطاع لازال يسير بنفس النظام قبل صدور القانون الإطار سنة 2019 .
وتابع المهتم بالشأن التربوي أنه قبل صدور القانون الإطار كانت العلاقة بين وزارة التربية الوطنية ومدارس التعليم الخاص كانت تسير بمحاضر لقاءات سنوية بين الطرفين ، منبها إلى وجود قانون ينظم القطاع الخاص لكنه ظل حبيس العموميات دون أن يترجم إلى إجراءات عملية تخوص في تفاصيل الإشكاليات التي تعرقل السير العادي لهذه المدارس .