هل وصل ملف طلبة الطب والصيدلة إلى مرحلة “الغموض”؟؛ سؤال يطرح بقوة في الفترة الراهنة بعدما ساد “صمتٌ” حول الموضوع، الذي كان آخر حديث حوله هو مقاطعة الطلبة لامتحانات الدورة الربيعية العادية والاستدراكية كذلك، التي قالوا إنها “كانت ناجحة”.
بعد ذلك عرف هذا الملف حالة من الصمت خلال الأسابيع الماضية، واشتد الصمت مع بداية شهر غشت الجاري، حيث إن آخر الإجراءات المؤسساتية التي تمت في هذا الصدد هي الوساطة البرلمانية التي لم تتضح نتائجها بعد، في الوقت الذي سبق للحكومة أن كشفت عن مختلف مقترحاتها لحل هذا الملف، الذي أكمل شهره الثامن والمُطلّ بشكل أو بآخر على سيناريو “البياض”.
ومن آخر الالتفاتات التي عرفها هذا الملف في الوقت الراهن إعراب “المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين” عن “أسفه بخصوص حوار الصم والبكم بين الطلبة والحكومة بما يمدد عمر الأزمة التي تناقض الورش الملكي للدولة الاجتماعية الذي تعد الحماية الاجتماعية أحد مداخله الأساسية”، مشيدا بكل المبادرات المؤسساتية التي قامت بها أحزاب سياسية وفرق برلمانية.
ودعا في هذا الصدد الطلبة إلى “العمل على تقييم موضوعي لما رافق احتجاجاتهم من أخطاء كانت من بين أسباب توقف الحوار وانسداد آفاق الوساطات”، كما ناشد رئيس الحكومة بـ”التدخل من أجل وضع حد للاحتقان وإنقاذ السنة الجامعية بما يمكن من تجاوز شبح السنة البيضاء”.
ويبدو أن الملف يزداد “تعقيدا” مع كل مرحلة تمضي بدون الوصول إلى اتفاق بين الطرفين، أي وزارتي الصحة والتعليم العالي والطلبة، نظرا لتشبث كل طرف بمقترحاته وعدم تقديمه تنازلات أخرى، وهو ما يعيق حلحلة هذا الملف، الذي يتضح أنه سيدخل مرحلة “الركود والغموض” إلى غاية شهر شتنبر المقبل.
“نتدارس خطواتٍ”
تفاعلا مع هذا الموضوع، قال ياسر الدرقاوي، عضو اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان، إن “الطلبة لا يزالون إلى حدود الساعة ينتظرون مخرجا لهذا الملف، حيث كانت آخر خطواتنا التصعيدية في هذا الصدد هي مقاطعة امتحانات الدورة العادية في صيغتيْها العادية والاستدراكية، التي فاقت نسبة المقاطعة فيها 96 في المائة كما سبق أن أوضحنا”.
وأكد الدرقاوي، في تصريح لهسبريس، أن “الطلبة يتمسكون بضرورة إعادة برمجة امتحانات جديدة بعد توقيع محضر اتفاق مع الوزارتين المعنيتين بالملف”، مضيفا “ما من فائدة خلال الوقت الراهن من إجراء امتحانات الدورة الاستدراكية الخاصة بالدورة الخريفية التي برمجتها الحكومة في بداية شتنبر المقبل”.
وجوابا عن سؤال للجريدة حول تصور الطلبة لحل هذه الإشكالية التي عمرت أزيد من 8 أشهر، لفت المتحدث إلى أن “هناك تدارسا لخطوات خلال شهر غشت، الذي لا نراه شهرا للراحة، بل شهرا لإيجاد الحل، حيث ننتظر بشدة حلا من طرف الحكومة”، مشيرا إلى أن “الوساطة البرلمانية مكنتنا من إيضاح النقاط العالقة التي لا نزال نتمسك بها لأننا نرى أن لا حل بدونها”.
وتابع قائلا: “من بين هذه النقاط الاحتفاظ بالسنة السابعة، ورفع العقوبات عن ممثلي الطلبة بالكليات، فضلا عن توقيع محضر اتفاق بين الوزارتين والطلبة لأنه عرف نقابي يجب أن نحترمه ويحدد مسؤوليات كل طرف”، مشيرا في الأخير إلى أن “الحديث عن أربعة مطالب عالقة لا يعني أن المطالب الأخرى تمت تسويتها، بل فقط قررنا عدم إثارتها تعبيرا عن حسن نيتنا”.
“نواكب الوضع”
من جهته قال إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، إن “مهمة الوساطة التي قدناها بين الطرفين انتهت، حيث قمنا بعملية التوسط بين الطرفين وسلّمنا الحكومة مطالب الطلبة، غير أن ما اتضح لنا خلال هذه العملية هو أن كل طرف في هذا الملف متشبث بما يطرحه من مقترحات ولا يعبر عن استعداده لتقديم تنازلات جديدة”.
وأضاف السنتيسي “الواضح إلى حدود هذا الوقت أن الملف سيذهب إلى نهاية غشت بعد نهاية العطلة الصيفية، وما نثيره هنا هو أنه لم تكن هناك استباقية، سواء من الحكومة أو الطلبة بأنفسهم، الذين لم يكونوا على استعداد لنلعب الوساطة بينهم وبين الحكومة، وهو ما تسبب في إطالة أمد الملف”، مبرزا أن “فلسفة التفاوض في نهاية المطاف يجب أن تكون في حدود المنطقي”.
وختم تصريحه قائلا: “كبرلمانيين نبقى إلى جانب أبناء المغاربة من أجل الاستماع إلى مقترحاتهم والتوسط بينهم وبين الحكومة؛ إلاّ أن ما يتضح إلى حدود الساعة هو أن الملف سيمتد إلى نهاية غشت، في حين سنحاول من موقعنا مباشرةً بعد العطلة التداولَ مجددا حوله بغرض طيّه، وهو ما نتمناه لأنهُ في نهاية المطاف ملفٌ مجتمعي ووطني بامتياز لا يقبل أي تسييس”.