واعتبر بنموسى، الذي كان يتحدث أمام جمع غفير من الأساتذة والأستاذات بمناسبة “المنتدى الوطني للمدرس” المنظم لأول مرة بشراكة مع مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين، أن “الحكومة بذلت مجهودا استثنائيا في إطار الحوار الاجتماعي القطاعي الذي خصصت لتنفيذ مخرجاته ما يناهز 17 مليار درهم؛ ما سمح بالاستجابة لمختلف المطالب وانتظارات الأسرة التعليمية التي عبروا عنها لسنوات طويلة، ولا سيما ما يتعلق بتحسين دخلهم وتوحيد مساراتهم المهنية وفتح آفاق جديدة للترقي في مسارهم المهني، مع تسوية مجموعة من الملفات العالقة والرفع من جاذبية مهنة التدريس”.
وبيّن المسؤول الحكومي أن “إصدار النظام الأساسي لموظفي الوزارة المكلفة بالتربية الوطنية لحظة فارقة في مسار تثمين وتحفيز الموارد البشرية وفق مبادئ المساواة والإنصاف والاستحقاق”، مشيدا هنا بـ”المقاربة التشاركية الفاعلة التي تم اعتمادها مع النقابات التعليمي الأكثر تمثيلية، والتي كان دور كبير في نجاح مسار الحوار الاجتماعي، إذ نعتبرها شريكا كذلك في تنزيل الإصلاح التربوي وفي مواكبة كل المبادرات الرامية إلى لتثمين مهنة التدريس”.
على هذا النحو، شدد بنموسى على أن الوزارة “تولي عناية خاصة لتحسين ظروف اشتغال الأساتذة وتمكينهم من التجهيزات ووسائل العمل الرقمية وتزويدهم بالمقاربات والأدوات البيداغوجية الناجعة وتوسيع هامش المبادرة لديهم وتأطيرهم ومواكبتهم في الميدان، فضلا عن الاعتراف بنجاحاتهم”، مبرزا كيف أن “الوزارة عملت على تأهيل هياكلها التنظيمية وتحقيق مواءمتها الاستراتيجية مع متطلبات الإصلاح التربوي؛ كالمركز الوطني للأستاذية، والمركز الوطني لعلامة جودة مؤسسات التربية والتعليم، وكذا المركز الوطني للامتحانات المدرسية وتقييم التعلمات”.
منتدى وطني للمدرس
في سياق متصل، كشف وزير التربية الوطنية والتعليم الأولى والرياضة أن عقد هذا الملتقى الوطني يأتي على بعد بضعة أيام مناسبة عالمية؛ وهي اليوم العالمي للمدرس، والذي سيشكل مناسبة أخرى للإِشادة بدور المدرسات والمدرسين وتعزيز الوعي بقضاياهم… فمنتدى المدرس يسعى إلى أن يكون فضاء للنقاش الفكري والعلمي الرصين ولتبادل الخبرات والانفتاح على الأفكار المبتكرة والممارسات التربوية المجددة واستلهام التجارب الدولية الناجحة”.
وكشف بنموسى أن “هناك طموحا لجعل هذا الملتقى الوطني موعدا سنويا متجددا لتعزيز دينامية التغيير من مدخل مهنة التدريس، ومحطة أساسية لتقوية انخراط الفاعلين التربويين في الأوراش التحولية للمدرسة المغربي”، مسجلا أن “هذا الملتقى هو بمثابة مبادرة تندرج في إطار حزمة التدابير المتخذة لتحفيز نساء ورجال التعليم والرفع من قدراتهم في إطار التصور الشمولي لتنزيل خارطة طريق الإصلاح التربوي”.
ولم يفوّت القائم على شؤون قطاع التعليم الفرصة دون الاعتزاز بـ”مجهودات وزارته والحكومة ككل للنهوض بوضعية المدرسة العمومية المغربية عبر خاطرة الطريق 2026/2022 التي ترفع شعار من اجل مدرسة عمومية ذات جودة للجميع والتي ترتبط بمرجعيات أساسية ممثلة في التوجيهات الملكية السامية وأحكام القانون الإطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين، فضلا عن توصيات النموذج التنموي الجديد وأهداف البرنامج الحكومي”.
“نتائج الريادة”
أمام أزيد من 3 آلاف مدرس قدموا من مختلف جهات المملكة وخبراء وطنيين ودوليين في منظومة التربية والتكوين، اختار وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة الحديث مسهبا عن تجربة “مدارس الريادة” التي شملت الموسم الماضي 626 مدرسة ابتدائية، إذ كشف أن “التقييمات المنجزة في هذا الصدد أبانت عن الأثر الإيجابي لهذه المدارس على مستوى تحكم التلميذات والتلاميذ في التعلمات الأساس”.
على هذا النحو، أورد بنموسى، في كلمته الافتتاحية دائما، أن “دراسةً قام بها مختبر المغرب للابتكار والتقييم، شملت أكثر من 20 ألف تلميذ وتلميذة، بينت أن التلميذ المتوسط في مدارس الريادة يحقق أداء أفضل من 82 في المائة من التلاميذ بمجموعات مقارنة، حيث بلغت نسبة الإجابات الصحيحة للتلاميذ 62 في المائة مقابل 44 في المائة لدى تلاميذ المدارس غير المنخرطة في هذا المشروع، بما يشكل فارقا بـ18 نقطة مئوية، مع بلوغ نسبة التحسن بمدارس الريادة في اللغة العربية 11 نقطة و19 نقطة في الرياضيات و23 نقطة في الفرنسية”.
بناء على هذه النتائج، اعتبر المسؤول بحكومة عزيز أخنوش أن “هذا النموذج أضحى مكسبا تربويا وجب تثمين نتائجه الإيجابية الأولية وتحصين مكتسباته باعتبارها رهانا جماعيا للنهوض بالمدرسة العمومية خلال السنوات المقبلة”، لافتا إلى أن هذه النتائج “تتطلب المزيد من اليقظة والتعبئة لإنجاح المشروع الذي يواجه تحديين أساسيين يتمثلان في تعزيز الأثر على التعلمات وكسب رهان التوسيع على باقي المؤسسات التعليمية”.
كما أكد بمناسبة اليوم الوطني للمدرس، الذي تستمر أشغاله اليوم الخميس وغدا الجمعة، أن “مجموعة من التحديات تظل مطروحة أمام طموحات الإصلاح؛ بما فيها تحدى مدى قدرة منظومة التربية والتكوين على الإدماج الفعال للتكنولوجيات الرقمية كدعامة لتحسين جودة التعلمات، فضلا عن تحدي مدى انعكاس التحولات المجتمعية والثقافية والتطور العلمي المتسارع على وظائف المدرسة وعلى قدرة المدرسين على التكيف مع المتغيرات ذات الصلة”، طارحا في الأخير تحديا آخر يرتبط أساسا بـ”الاستجابة الملائمة للحاجيات والانتظارات الملائمة للأسر، ولا سيما الرفع من جودة الخدمات التربوية المقدمة للمواطنات والمواطنين”.