فيما لم يتضح بعد أفق الوساطة التي يقودها محمد بنعليلو، وسيط المملكة، بين طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان من جهة وبين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي من جهة ثانية تطفو إلى السطح مجددا التساؤلات بشأن كيفية تدبير مسألتي “التكوين والتدريب” بهذه الكليات خلال السنة الجامعية الجديدة، لا سيما أن بعض هذه المؤسسات يستعد لفتح أبوابه في وجوه الطلبة الجدد ابتداء من بداية الأسبوع المقبل.
وفيما أكد الطلبة الذين تحدثوا لجريدة هسبريس الإلكترونية أن “إيجاد حل للأزمة سيمكن من إبعاد سيناريو تزايد الاكتظاظ بمدرجات كليات الطب والصيدلة”، نبهوا إلى أن “الوضع بخصوص كيفية تعويض مسألة التداريب التي جرت مقاطعتها سيبقى ضبابيا، حتى ولو وجدت الأزمة طريقها نحو حل يرضي الطرفين، لا سيما أن الأيام القليلة المتبقية بالكاد تكفي لإجراء الاختبارات الاستدراكية، أحرى باستيفاء التداريب المقررة طيلة السنة بالنسبة لبعض المستويات”.
بدوره، لفت عميد تحدث للجريدة إلى أن “كيفية تعويض التداريب إشكال مطروح بالنظر إلى طول المدة المقاطعة، ولا يزال الأفق بشأنه “ضبابيا” أيضا بالنسبة لإدارة الكلية”، لا سيما أن “الملف لا يزال يراوح مكانه والطلبة بدورهم متمسكون بشروطهم لرفع المقاطعة”، مؤكدا أن “الكليات تنتظر الحلول التي ستقدمها الوزارة بهذا الشأن بناء على تطورات الملف”.
“وضع ضبابي”
مصدر من اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة بوجدة أكد أن “الوضع بخصوص مآل الموسم الجامي ما زال ضبابيا، ومع هذه الضبابية تبقى المخاوف بشأن إحداث التحاق الفوج الجديد الاكتظاظ بمدرجات الكليات في حال جرى ترسيبنا قائمة”، مؤكدا أن “مخرجات الوساطة التي يقودها وسيط المملكة في هذا الملف وما سيعلنه الوزير عبد اللطيف ميراوي بخصوص مآل السنة الجامعية عقب المقاطعة الواسعة للاختبارات الاستدراكية للفصل الأول التي انتهت رسميا هذا اليوم هو ما سيمكننا من الحسم بشأن جودة التكوين خلال السنة الجامعي الجديدة”.
وأوضح المصدر ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الغموض يلفُّ بشكل أكبر مسألة تعويض التداريب الاستشفائية التي قاطعها الطلبة كذلك”، مسجلا أنه “مبدئيا حتى في حال تم التوصل إلى اتفاق مع الوزارة الوصية سيبقى هذا الإشكال قائما؛ لأن الأيام التي تفصل عن بدء الدراسات بجميع كليات الطب والصيدلة قليلة وبالكاد ستسمح بإجراء الاختبارات، أحرى باستيفاء كافة التداريب المقررة”.
وتابع عضو اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة بوجدة: “التداريب الاستشفائية المقررة لطلبة المستويات من السنة الثالثة إلى السنة السادسة تمتد طيلة الموسم الجامعي من الساعة الثامنة صباحا إلى الساعة الثانية عشرة ظهرا ما يعني استحالة إيجاد حل لتعويض التداريب للطلبة المضربين بهذه المستويات قبل عودتهم إلى مقاعد الدراسة الجامعية”، مضيفا أن “تصورات طلبة الطب والصيدلة بخصوص حل هذه الإشكالية تختلف من كلية إلى أخرى”.
في هذا السياق، أضاف المصدر ذاته أن “طلبة وجدة يقترحون صيغتين لتعويض التداريب التي تمت مقاطعتها؛ الصيغة الأولى تقوم على إجراء تداريب المستوى السابق فور الانتهاء من تداريب المستوى الحالي، والصيغة الثانية تقترح على تمديد الفترة اليومية الخاصة بالتداريب لساعتين إضافيتين بحيث تمتد حتى الساعة الثانية بعد الظهر، على أن يتدرب الطالب خلال هاتين الساعتين بالمصلحة التي لم يجرِ فيها تداريب الموسم السابق”.
“في انتظار حل وزاري”
جريدة هسبريس نقلت هذه المعطيات إلى عميد لإحدى كليات الطب والصيدلة فأكد، بدوره، أن “مسألة كيفية تدبير التداريب خلال الموسم الجامعي الجديد لا تزال ضبابية بالنسبة إلينا؛ بالنظر إلى أننا نتحدث عن مقاطعة تسعة أشهر كاملة من التداريب، وليس شهرا أو شهرين”، موضحا أنه “لا يمكن بلورة خطط لكيفية تدبير هذه المسألة في ظل مراوحة الملف لمكانه وتمسك الطلبة المضربين بشروطهم لرفع مقاطعة الامتحانات والتداريب الاستشفائية”.
واستحضر المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته، أن “قرار إتاحة دورة استثنائية لمن سيجتازون الاختبارات الاستدراكية للفصل الأول تمت صياغته من لدن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر بإشراك العمداء ليجري تنزيله من قبل الكليات”، مؤكدا أن “الخطوات التي ستتخذها الكليات بخصوص مسألة التداريب ستنبني على ضوء ما تقرره الوزارة الوصية بناء على تطورات الملف، لا سيما مخرجات الوساطة الحالية”.
وأوضح عميد كلية الطب والصيدلة أن “الكليات تتوفر على إمكانيات وموارد بشرية وفضاءات تدريب كافية لتنفيذ الحلول التي ستقترحها الوزارة بهذا الشأن”، مضيفا أنه في حالة الكلية التي يرأسها “كان النقاش بشأن توسيع فضاءات التدريب حاضرا قبل بدء هذه الأزمة، وتوضحت رؤية الإدارة بخصوصه مع نهاية السنة؛ ما يعني أن الكلية لن تواجه أي إشكال مرتبط بهذه الفضاءات، مهما كانت صيغة الحل الذي ستتخذه الوزارة”.
ولم يفوّت المصدر ذاته المناسبة لينفي “ما جرى تداوله مؤخرا بخصوص حرمان الكليات طلبتها من شواهد التسجيل التي تخولهم الاستفادة من المنحة أو الحي الجامعي، أو الإشارة إلى في الشواهد القليلة التي تم منحها إلى مقاطعة الطالب المعني للامتحانات منذ دجنبر المقبل”، مضيفا أنه “لم تجرِ بتاتا مطالبة أي طالب مضرب برفع مقاطعته للامتحانات حتى يستفيد من شواهد التسجيل”.
وحاولت جريدة هسبريس الإلكترونية ربط الاتصال بمصدر من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر لمعرفة تصورات الوزارة بهذا الخصوص؛ إلا أنه لم يتسن لها ذلك.
وكان محمد أبو النصر، رئيس الفرع الجهوي لنقابة أساتذة التعليم العالي بالدار البيضاء، قد أكد، لجريدة هسبريس مطلع غشت المنصرم، “استعداد” عدد من أساتذة كليات الطب والصيدلة “للتضحية” من أجل تأطير التداريب الاستشفائية للطلبة في حال جرى التوصل إلى حل الأزمة آنذاك، رغم “تعبيرهم عن مخاوف من تعمق الاكتظاظ، خاصة أن مرافق الكليات تشكو أصلا من الضغط خلال المواسم الجامعية العادية”.
وتنصب الأنظار على موعد عقد الأساتذة لندوة صحافية يكشفون فيها عن موقفهم بخصوص مختلف جوانب هذه “الأزمة”، بعدما كانت تنسيقية نقابة أساتذة الطب والصيدلة قد حددت هذا الموعد في صباح الجمعة 13 شتنبر الجاري، قبل أن ترجئه إلى يوم أمس الأربعاء، ثم إلى موعد غير محدد، حسب مصادر هسبريس.