دخلت أزمة كليات الطب والصيدلة بالمغرب منعطفًا جديدًا بعد إعلان فرق الأغلبية البرلمانية عن مقترح يهدف إلى إنهاء الأزمة المستمرة منذ أكثر من تسعة أشهر.
وقال مصدر من لجنة الوساطة التي شكلتها فرق الأغلبية في مجلس النواب لإيجاد حل لأزمة طلبة كليات الطب والصيدلة، أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر ماضية في قرارها بتنظيم اختبارات الدورة الاستدراكية للفصل الأول المقررة يوم الخميس 5 شتنبر 2024، دون أي نية للتراجع.
وأضاف المصدر ذاته أن الوزارة قدمت عرضًا تفصيليًا للجنة الوساطة، مؤكدة أنها ستنفذه بشرط أن يجتاز الطلبة هذه الاختبارات، للاستفادة من هذا العرض.
في هذا السياق، أعلنت عدة كليات للطب والصيدلة أن اختبارات الدورة الاستدراكية للفصل الأول ستجرى في التاريخ المحدد، وبحسب ما أوردته هذه الكليات، سيتمكن الطلبة الذين سيجتازون الاختبارات المقررة في 5 شتنبر من إجراء دورة استثنائية للفصل الثاني، بالإضافة إلى إلغاء النقطة الصفر التي كانت قد مُنحت للطلبة المتغيبين عن اختبارات الفصل الأول. كما سيتم السماح للطلبة الموقوفين بالمشاركة في الامتحانات.
وأشار المصدر ذاته إلى أن اجتياز الطلبة لهذه الامتحانات يُعتبر خطوة هامة نحو إيجاد حل نهائي لهذه الأزمة التي استمرت لأشهر عديدة.
وكانت فرق الأغلبية في مجلس النواب كانت قد أصدرت بلاغًا أوضحت فيه، أن الوساطة والحوار مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار قد أسفر عن تلقي مقترح جديد، يتمثل في التزام الوزارة والعمداء بتمكين الطلبة من اجتياز اختبارات إضافية خلال الفصل الثاني، كجزء من حرص الوزارة على استكمال الموسم الجامعي 2023/2024.
وأكدت فرق الأغلبية أنها ستتابع عن كثب تنفيذ هذه الالتزامات، كما ناشدت لجنة الوساطة الطلبة بالتفاعل الإيجابي مع المقترح المطروح، مع التشديد على الثقة في مؤسسات الدولة.
من ناحية أخرى، رفض ممثلو الطلبة العرض المقدم من الوزارة، مؤكدين استمرارهم في المقاطعة والتمسك بمطالبهم، وخاصة مطلب عدم تقليص سنوات الدراسة من سبع إلى ست سنوات، وهو ما تصر الوزارة على رفضه كليًا باعتباره غير قابل للتفاوض.
ووصف طلبة الطب مقترح الوزارة بأنه مناورة لا تلبي معظم مطالبهم الأساسية، التي تشمل توضيح المسار الجامعي، إعادة الطلاب الموقوفين، والتراجع عن تقليص سنوات الدراسة من سبع إلى ست سنوات.
وقال طالب من داخل اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن المقترح الوزاري غير واضح ولا يتضمن أي ضمانات حكومية للاستجابة لمطالب الطلبة.
وأشار إلى أن الحكومة والوساطة البرلمانية على علم بهذه المطالب، التي تم تجديد التأكيد عليها خلال الحوار.
ورفض المصدر اقتصار المبادرة على برمجة الامتحانات، مؤكدًا أن الطلبة ينتظرون تفاعلًا فعليًا من الحكومة مع حزمة مطالبهم، وليس مجرد برمجة جديدة للامتحانات.
وأفاد الطالب أن الطلبة يرفضون التعامل مع ملف الموقوفين كرهائن، مطالبين الحكومة بالاستجابة لكافة مطالبهم دون تجزئتها، مبرزا أن الوزارة تكرر نفس الوعود منذ شهر يونيو دون تقديم حلول فعّالة.
ووصف المصدر تدبير الوزارة للأزمة بأنه عبثي ، مؤكدًا أن إنقاذ الموسم الجامعي يتطلب الاستجابة لمطالب الطلبة، وليس اعتماد أساليب المناورة.
ودعا الطلبة الحكومة إلى عقد حوار جدي ومسؤول يزيل جميع العوائق التي تحول دون الاستجابة لمطالبهم، معتبرين أن القرارات التي لا تشركهم في تدبير الأزمة تزيد من تعقيدها.
هذا وكانت تراهن الأغلبية في مجلس النواب على فرصة أخيرة لحل الملف، حيث كانت فرق الأغلبية تسعى لتقديم مقترحات متقدمة حصلت عليها من وزير التعليم العالي، عبد اللطيف ميراوي، إلى أولياء وآباء طلبة الطب والصيدلة في اجتماع يوم الأربعاء الماضي بمجلس النواب، إلا أن أولياء طلبة الطب والصيدلة لم يحضروا الاجتماع.
وفي هذا الصدد، قال رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب أحمد التويزي، في تصريح للنهار المغربية، إنه كانت هناك مبادرة من قبل أولياء طلبة الطب والصيدلة من أجل وساطة تقودها فرق الأغلبية في البرلمان.
وأضاف التويزي، أنه في عز العطلة كلف من قبل فرق الأغلبية من أجل عقد لقاء مع وزير التعليم العالي، عبد اللطيف ميراوي، يوم الجمعة الماضي، مبرزا أن وزير التعليم العالي رحب بهذه المقترحات وقدم وعود بأنه سيتفاعل مع هذه المقترحات بشكل إيجابي.
ولفت رئيس الفريق، إلى أنه لم يفهم سبب عدم حضور أولياء طلبة الطب لاجتماع كان مقررا يوم الأربعاء، مبرزا أن هناك تسجيلات عبر تطبيقات التراسل الفوري لا تليق بمستوى هذا الملف وتساهم في تأجيج الوضع.
وشدد التويزي، على أهمية أن يسود منطق العقل، ويستمر الحوار من أجل انقاذ السنة الدراسية، وعدم ضياع أبناء وبنات المغاربة.
وذكر التويزي، أن وزارة التعليم العالي أبدت تجاوب كبير في حل الملفات العالقة، حيث قدمت الوزارة وعود على حل مشكل نقطة الصفر، وكذا ملف الموقوفين، وبرمجة دورتين استدراكيتين.
وخلص التويزي، إلى أن هناك جهات خارجية تساهم تأجيج الوضع، مبرزا أنه إذا كانت هناك أطراف تريد السياسية فيجب عليها الولوج إلى المواقع الدستورية لممارسة السياسة وليس الركوب على ملف طلبة الطب.
بدوره، اعتبر محمد شوكي رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار في تصريح للنهار المغربية، أنه في البداية يجب بالضرورة الحديث عن المسؤوليات، حيث قامت الحكومة بوضع الأسس للإصلاحات الهيكلية، في قطاع الصحة والقطاعات الاجتماعية، مبرزا أنه في إطار تنزيل هذه الإصلاحات جاء نظام كليات الطب، معتبرا أن مسؤولية الطلبة الأساسية هي الدراسة والولوج إلى الأقسام والاجتهاد.
وأضاف المتحدث، أنه لا يريد للطلبة أن يذهبوا في توجه غير صحيح، معتبرا أن فرق الأغلبية تحاول منذ البداية أن تذهب في اتجاه تقريب وجهات النظر والبحث عن حلول للملفات العالقة.
وشدد رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار الذي يقود الحكومة، أنه لا يمكن ضخ السياسة في هذا الملف، الذي يعد قطاعا حيويا، وتوظيفه لأهداف غير نبيلة.
من جهته، أفاد العياشي الفرفار برلماني عن حزب الاستقلال، للنهار المغربية، أن فرق الأغلبية أخذت على عاتقها قيادة مبادرة الوساطة والدفع الإيجابي نحوا إيجاد مخرج لهذه الأزمة، التي تبدوا أنها غير مفهومة، وبتكلفة وخسارة كبيرة للجميع.
وزاد البرلماني، أنه رغم عدم حضور أولياء الطلبة فإن فرق الأغلبية مستمرة في ملف الوساطة، مشددا أن هناك واقع مخفي في مجموعات الواتساب، الأمر الذي يستدعي تدخل النيابة العامة.
وشدد العياشي الفرفار، أن هناك جهات تريد عرقلة مشاريع الحكومة وتعطيل مؤسسات من أجل عدم القيام بمهامها، وتعريض مشاريع الدولة للتعطيب.
ورغم هذه الخطوة، فقد عبّر ممثلو الطلبة عن تحفظاتهم، مؤكدين على شرعية اللجنة الممثلة لهم وعدم أهلية الآباء للتفاوض بشأن مطالب الطلبة، كما أكدوا انفتاحهم على أي مبادرة حوارية صادرة عن نواب البرلمان أو أي جهة أخرى تسعى إلى حل الأزمة.
وتعكس هذه التطورات حساسية الوضع، خاصة مع قرب انطلاق العام الدراسي الجديد، حيث تتزايد الضغوط على جميع الأطراف المعنية لإيجاد حل سريع يحول دون ضياع سنة دراسية كاملة.
وتأتي هذه الأزمة في وقت يعاني فيه القطاع التعليمي من تحديات متعددة، وهو ما يزيد من أهمية البحث عن حلول توافقية تضمن حقوق الطلبة وتلبي مطالبهم دون المساس بجودة التعليم ومستقبلهم المهني، ويأمل الجميع أن تثمر هذه الجهود عن نتائج إيجابية تسهم في تهدئة الأجواء وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، في ظل تطلعات طلبة الطب والصيدلة إلى مستقبل أكثر استقراراً وضماناً لمسارهم الأكاديمي.
في هذا الصدد، قال عبد الله بووانو للنهار المغربية، في تصريح سابق إن هناك تركيز للمطالب من قبل طلبة الطب، تتمثل أساسا في الجدولة الزمنية، ومطلب سبع سنوات بالنسبة لطلبة السنة الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة، إلى جانب إصدار قرار بإرجاع الموقوفين، إلى جانب توقيع محضر اتفاف.
وأضاف بووانو، أن الكرة اليوم في ملعب الحكومة من أجل إنقاذ السنة الدراسية، وهناك آمل من أجل الخروج من هذه الأزمة.
وشدد البرلماني، أن هناك صراع داخل الحكومة حول من له اليد الطولى في حل أو تأزيم هذا المشكل، معتبرا أن هذا الصراع يجب الاستغناء عليه.
ولفت رئيس المجموعة النيابية لفريق العدالة والتنمية، إلى أنه يجب على الحكومة أن تتحمل المسؤولية لحل هذا الإشكال.
وعن امكانية إنقاذ السنة، ذكر بووانو أنه إذا تم اعتماد جدولة تحترم اجتياز الامتحان في دورتين، وإعطاء فترات الاعداد بين الدورات فإنه من الممكن إنقاذ السنة الدراسية.
ويذكر أنه مع اقتراب موعد بدء الموسم التعليمي الجديد في مختلف المؤسسات الجامعية، تتجه الأنظار نحو أزمة طلبة الطب والصيدلة التي استمرت لأكثر من تسعة أشهر وتهدد بإعلان سنة بيضاء.