مع بداية كل موسم جامعي تتجدد مطالب تمكين الطلبة الحاصلين على “البكالوريا القديمة” من حقهم في التعليم، إذ مازالت العديد من المؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المفتوح بالمغرب تمنع هؤلاء الطلبة من التسجيل لديها، وتشترط حصول الطالب على بكالوريا السنة الجارية أو التي قبلها في أحسن الأحوال، وهو ما يعتبره كثيرون ضربا للحق في التعليم المخول بموجب الدستور، في وقت يؤكد مهتمون بالشأن الجامعي أن الاكتظاظ الذي تعرفه الكليات المغربية وارتفاع أعداد الطلبة مقابل قلة الموارد البشرية هو المفسر لهذا النوع من القرارات.
وسبق لعبد اللطيف ميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في حكومة عزيز أخنوش، أن أكد في جواب عن سؤال برلماني حول هذا الموضوع على مبدأ “عدم تقادم الشهادات المدرسية”، معتبرا هو الآخر أن “العائق الوحيد أمام تسجيل الطلبة الحاملين للباكالوريا القديمة هو الاكتظاظ الذي تشهده المؤسسات الجامعية، خصوصا في الشعب التي تلقن المعارف باللغة العربية”، ومؤكدا أن “الوزارة تعمل على قبول جميع الشهادات”.
وفي هذا الإطار قال خالد الصمدي، كاتب الدولة في التعليم العالي سابقا، إن “القرارات المتعلقة بمنع حاملي البكالوريا القديمة من التسجيل في الجامعات ليست لوزارة التعليم العالي، بل هي قرارات اللجان البيداغوجية داخل المؤسسات الجامعية التي تسجل الطلبة بناء على قدرتها على التأطير”، مضيفا أن “ضمان جودة التكوين يقتضي احترام المعايير المتعلقة بعدد الطلبة لكل أستاذ كما هو متعارف عليه دوليا”.
وأوضح الصمدي، في حديث مع هسبريس، أنه “في وقت تصل نسب التسجيل في الجامعات إلى مستويات مرتفعة تضطر المؤسسات الجامعية إلى وضع معايير وشروط، منها المتعلقة بسنة الحصول على البكالوريا، لتحقيق التناسب بين عدد الطلبة وبين الموارد البشرية والبنيات التحتية للجامعة، رغم أن التعليم حق دستوري، إذ تضمن البكالوريا لحاملها مقعدا في الجامعة، لكن ليس بالضرورة في تخصص أو كلية بعينها”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن “الحكومة السابقة قامت بإحداث 45 نواة جامعية في المدن المتوسطة لحل هذا الإشكال، إلا أن الحكومة الحالية أوقفت هذه التجربة التي كان الهدف منها تخفيف الضغط على الكليات في المدن الكبرى، وتوفير مقعد جامعي لكل طالب في حدود الإجازة، وحل إشكالية الهدر الجامعي، على اعتبار أن العديد من الطلبة لم يتمكنوا من التسجيل في الجامعات بسبب عدم توفرهم على إمكانيات الدراسة في المدن الكبرى، خاصة الإناث منهم”.
إلى ذلك أكد مصدر جامعي تحدث لجريدة هسبريس الإلكترونية بهذا الشأن أن “العديد من الكليات والجامعات تشترط حصول الطالب على بكالوريا آخر موسم دراسي أو الموسم الذي قبله بسبب الاكتظاظ الذي تعرفه الجامعات المغربية، خاصة في بعض الشعب”، مضيفا أن “التعليم حق مكفول بموجب القانون إلا أن الأمر مرتبط أيضا بخرق هذا القانون من جهة وعدم احترام دفاتر التحملات الخاصة بإحداث الجامعات والكليات، خاصة ما يتعلق بالطاقة الاستيعابية، إذ تتجاوز بعض الكليات طاقتها الاستيعابية المنصوص عليها في هذه الدفاتر بأضعاف مضاعفة”.
وأشار المصدر ذاته إلى أن “المشكل الأساسي في عدم تسجيل الحاصلين على البكالوريا القديمة هو قلة الموارد البشرية الجامعية، والضغط الكبير الذي تتعرض له نتيجة ارتفاع أعداد الطلبة مقابل غياب التحفيز من طرف الوزارة الوصية على القطاع، ومشكل توزيع هذه الموارد أيضا على المؤسسات الجامعية”، معتبرا أن “المسؤولين في المركز يُنَظرون، غير أن الواقع على الأرض شيء آخر”.
واعتبر المتحدث ذاته أن “هناك أمورا أخرى تتعلق بالطالب نفسه، إذ هناك طلبة حاصلون على عدد من الإجازات بالباكالوريا نفسها ويذهبون للتسجيل في هذه الشعبة أو تلك فقط لأن زميلا لهم يدرس فيها، وهناك أيضا من يحمل بكالوريا قديمة ويُقبل تسجيله غير أنه لا يحضر للامتحانات، ويكون بذلك ضيع فرصة على طالب آخر؛ وهذه حالات موجودة وكثيرة”.
وتابع المصدر الجامعي ذاته بأن “بعض الفصائل الطلابية تستغل أيضا هذا الأمر، إذ تأتي بعشرات شواهد البكالوريا القديمة وتطلب من إدارات الكليات تسجيل أصحابها باعتبارهم مناضلين، وتبتز هذه الإدارة وتهدد بالاحتجاج وتوقيف الامتحانات إذا لم يتم تسجيلهم، في حين أن الأمر في الواقع ينطوي على سمسرة وتلقي عمولات مقابل تسجيل الطلبة القدامى”.