على ضفاف بحيرة هادئة في ولاية جورجيا الأميركية، أقيم نصب تذكاري مؤقت يضم حذاء ليكن رايلي الرياضي قرب الموقع حيث قُتلت طالبة التمريض وهي تركض صباحا.
أشعل مقتل رايلي الذي أُلقي باللوم فيه على مهاجر فنزويلي غير مسجّل يبلغ من العمر 26 عاما، الجدل بشأن قضية الهجرة في جورجيا، إحدى الولايات الرئيسية المتأرجحة (أي إنها تصوّت مرة للجمهوريين وأخرى للديمقراطيين) في جنوب البلاد، قبيل انتخابات الرئاسة الأميركية المقررة في نونبر.
تقول إيما ترنر (23 عاما)، وهي طالبة في جامعة أثينا (مسرح الجريمة على بعد 90 دقيقة شرق أتلانتا)، “يجعلني الأمر أخشى على نفسي”.
عُثر على جثة رايلي في منطقة غابات قرب بحيرة في حرم جامعة جورجيا، وخلصت السلطات إلى أن الشابة، البالغة 22 عاما، توفيت جراء ضربة قوية على الرأس والاختناق.
وبينما شارك المئات في وقفة تكريم لها، باتت قضية مقتل رايلي في قلب الجدل بشأن الهجرة الذي أحدث انقسامات داخل البلاد.
لكن بالنسبة لترنر، ينبغي عدم النظر إلى عملية قتل رايلي من منظور الهجرة.
وقالت في إشارة إلى المشتبه فيه: “علينا أن ننظر إليه كفرد، كإنسان. تأسست أميركا على الحرية ليأتي الناس إليها”.
إلا أن ويل شليف يرى أن المشكلة تكمن في السياسة التي سمحت له بدخول البلاد.
وقال طالب الفيزياء في جامعة جورجيا، البالغ 20 عاما، إن “الشخص الذي قتلها قدم عبر الحدود”.
وأضاف: “كيف لذلك ألا يكون مسألة سياسية؟ لذلك، سيؤثر الأمر تماما على صوتي في نونبر”، مشيرا إلى أنه تم إطلاق سراح المشتبه فيه من مركز اعتقال مكتظ في تكساس “نظرا إلى وجود عدد كبير من الأشخاص الذين يعبرون” الحدود.
“اذكر اسمها”
يتنافس الديمقراطيون والجمهوريون لكسب الأصوات في جورجيا، الولاية التي فاز فيها جو بايدن على دونالد ترامب قبل أربع سنوات بفارق ضئيل للغاية (12 ألف صوت).
وذكر ترامب، المرشّح الجمهوري الذي أدرج مسألة الجدار الحدودي مع المكسيك ضمن أولويات حملته الأولى للظفر بالبيت الأبيض، رايلي على وجه الخصوص خلال المؤتمر الوطني للحزب في يوليوز وقضى بعض الوقت مع والديها.
وسلّط الجمهوريون الضوء على حالات قتل أخرى تم تحميل مهاجرين غير مسجّلين مسؤوليتها، بما في ذلك جوسلين نونغاراي (12 عاما) التي تم خنقها وإلقاؤها في جدول في هيوستن في يونيو. ويواجه مهاجران فنزويليان اتهامات بالقتل على خلفية القضية.
وخلال تجمّعاته الانتخابية، يندد ترامب بالمهاجرين بوصفهم بـ”القتلة ومهربي المخدرات والبشر” الذين تم الإفراج عنهم بـ”مئات الآلاف” لـ”غزو” الولايات المتحدة، ملقيا باللوم مباشرة على منافسته في الانتخابات الديمقراطية كامالا هاريس.
لكن دراسات عدة تؤكد عدم وجود أدلة على أن المهاجرين يرتكبون جرائم أكثر من الأميركيين المولودين في الولايات المتحدة.
ولم يمنع ذلك النائبة الأميركية مارجوري تيلور غرين، وهي جمهورية من جورجيا، من أن تهتف “اذكر اسمها!”، أي رايلي، أثناء خطاب الرئيس جو بايدن السنوي بشأن حال الاتحاد في مارس.
“سلاح”
تحاول إدارة بايدن جاهدة التعامل مع مسألة الهجرة بينما يحاول الحزب الديمقراطي الموازنة بين التشدد مع المهاجرين وإدخال إصلاحات على نظام الهجرة غير الفعال في البلاد.
استغل الجمهوريون مقتل رايلي للترويج لرواية مفادها أن “أحد الأسباب التي تفرض عليكم التصويت لدونالد ترامب، هو أن جو بايدن لا يحمي البلاد”، وفق ما أفاد به تشارلز بولوك، أستاذ العلوم السياسية لدى جامعة جورجيا، فرانس برس.
وقال: “ما يحاول الجمهوريون القيام به هو تحويل مشكلة الهجرة إلى قضية تتجاوز الحدود”.
وندد رئيس بلدية أثينا الديمقراطي، كيلي غرتز، بتسييس وفاة رايلي، مشيرا إلى “الصدمة الكبيرة” في المدينة التي تعد 130 ألف نسمة، ثلثهم من الطلبة الجامعيين.
لكنه أكد أنه غير متفاجئ “بتحويل القضية إلى سلاح” نظرا إلى خطاب ترامب المعهود.
وقال: “بدا أن التسييس نابع أكثر عن قوى خارجية”، مشيرا إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في نشر الرواية الجمهورية.
ولفت إلى أن عددا من سكان أثينا المتحدّرين من أميركا اللاتينية أكدوا له أنهم يشعرون بالقلق من إمكانية استهدافهم بسبب عرقيتهم.
وتعتقد كيم ويلينغهام، المولودة في أثينا، التي تعمل في مدرسة إعدادية، أن هذه القضية البارزة تصرف الأنظار عن القضايا الأكثر إلحاحا.
وقالت لفرانس برس: “أشعر بأن السكان منسيين أحيانا”.
وأضافت: “لدينا انتشار واسع لعنف العصابات في أثينا. يموت العديد من الشباب لكن أحدا لا يسلّط الضوء على ذلك”.
وبالنسبة لويلينغهام، فإن حادثة قتل كايلي “مجرّد حجّة للتحدّث عن قضية الهجرة.. من أجل كسب بعض الأصوات”.