recent
آخر المواضيع

اتهامات بخرق الدستور تُلاحِق المدارس الخاصة لفرضِها اختبارات قبلية للتلاميذ الجدد

 
لم تستسغ هيئات أولياء التلاميذ إخضاع الوافدين الجدد على مؤسسات التعليم الخاصة لـ اختبارات قبلية انتقائية واشتراط النجاح فيها والحصول على نتائج مقبولة لولوج فصولها، معتبرة أن الشرط الوحيد الذي يحق لإدارات مؤسسات التعليم الخاص أن تفرضه هو أداء الواجب الشهري وأن أي شرط خارجه يعتبر حرمان للأطفال من حقهم الدستوري في الدراسة والتعلم .

وأمام اعتراض أولياء التلاميذ على هذا الإجراء التمييزي ، انقسمت آراء خبراء في مجال التربية والتعليم بين من اعتبر فرض اختبار لتحديد المستوى وانتقاء التلامذة يظل إجراء عاديا ، مقابل من عدَّه ممارسة غير دستورية ولا تنضبط لأي مقتضى قانوني ويحرم عدد من الأولياء من اختيار التعليم الذي يريدونه لأبنائهم .

اختبارات إقصائية

محمد النحيلي، المنسق الوطني لاتحاد آباء وأمهات وأولياء تلميذات وتلاميذ مؤسسات التعليم الخاص بالمغرب، وصف اختبارات ولوج مؤسسات التعليم الخاص بالمغرب بـ الانتقائية والإقصائية ومخالفة للقانون ولروح الدستور الذي يؤكد على مبدأ المساواة ويضمن الحق في التعليم لجميع أبناء المغاربة .

وأضاف النحيلي، في تصريح لنا، أن اشتراط مدارس التعليم الخاص لاختبار قبلي للتلاميذ الجدد إجراء غير دستوري ومخالف لحقوق المستهلكين من خلال التمييز بين المواطنين في تقديم خدمة عمومية فوضتها الوزارة للقطاع الخاص .

وأورد المتحدث ذاته أن الشرط الوحيد المقبول الذي يمكن أن تشترطه هذه المؤسسات على الآباء والأولياء هو أداء مقابل على الخدمة التي تقدمها للتلاميذ ، مشددا على أنه ما دام أن الأسر مستعدة لأداء الواجبات الشهرية فإنه لا يحق لإدارة مؤسسات التعليم الخاص أن تضيف شروط اخرى غير قانونية .

ووصف الفاعل المدني في مجال جمعيات آباء وأولياء التلاميذ بالقطاع الخاص هذه الإجراءات بـ العراقيل والحواجز الذي تترك في بعض الحالات أثر نفسي قاسي على التلميذ في الحالة التي لا يتمكن فيها من تجاوز هذا الاختبارات بنجاح ، مسجلا أن دور هذه المؤسسات هو التربية والتعليم والتكوين وليس محاكمة مستويات التلاميذ بدون أي سند قانوني .

وواجه المصرح نفسه إدارة مؤسسات التعليم الخاص التي تفرض هذه الاختبارات لقبول وافدين جدد على فصولها بالقول إن الخدمة المفوضة لكم هي خدمة عمومية تتمثل في تدبير الحق في التعليم وليس حرمان التلاميذ والتمييز بينهم عوض المساهمة في تكوينهم .

ولم يقبل المصدر ذاته تعامل وزارة التربية الوطنية مع هذه الأزمة بعقد لقاءات شكلية مع أرباب هذه المؤسسات ، مبرزا أن هذه اللقاءات والتوصيات المنبثقة عنها لا تصلح إلا للاستهلاك الإعلامي في غياب أي تفعيل لها على أرض الواقع .

واعتبر الفاعل المدني أن غياب القطع مع هذه الممارسات سببه نفود هذه الأقلية المستثمرة والمتنفذة والمستفيدة من الاستثمار في قطاع التعليم إلى درجة تشكيلها لوبي ضغط على كل القرارات التي تروم إصلاح أو تغيير أو تصويب بعض الانحرافات التي يعرفها قطاع التربية والتعليم .

وأما هذا الوضع، شدد النحيلي على أن الحكومة وعبرها وزارة التربية الوطنية عاجزة عن حماية حق التلاميذ في التعليم وحق الأولياء كمستهلكين لغياب أي قرارات تنهي مثل هذه الممارسات الماسة بالحقوق الدستورية للمواطنين .

وأشار المصدر نفسه إلى أنه يظل أمامنا ملجأ واحد فقط هو القضاء الذي نصف عدد من الأولياء في حالات مختلفة ، مشددا على أن الوزارة عاجزة على تنفيذ عدد من بنود العقد النموذجي الذي يجمعها بمؤسسات التعليم الخاص ما يفسح المجال أمام العديد من مؤسسات التعليم الخاص للاستثمار في الفوضى والاستقواء على التلاميذ في حقهم في التعليم دون أي تمييز .

إجراء عادي أم اختبارات مرفوضة؟

عبد الناصر الناجي، خبير في قضايا التربية والتعليم، قال إن المبدأ العام الذي يُفترض تطبيقه في أية منظومة تربوية هو الحق في تعليم جيد للجميع لكونه مبدأ دستوري منذ 2011 ، مشددا على أن هذا ما يقتضي أن تضمن الدولة لكل طفل مغربي مقعدا في المدرسة القريبة من مقر سكناه، خاصة كانت أو عمومية .

وأورد الناجي، في تصريح لنا، أن ما يقع اليوم هو أن منظومتنا التربوية لا تستطيع لحد الآن ضمان جودة التعلمات لجميع المتعلمين والمتعلمات إلى درجة أن الكثير من هؤلاء ينتقل من مستوى دراسي إلى آخر دون استحقاق النجاح .

وسجل المتحدث ذاته أنه إذا علمنا أن الأصل في المنظومة التربوية هو التعليم العمومي وأن التعليم الخصوصي يعتبر مكملا له وإذا اعتبرنا أنه من حق هذا الأخير الحفاظ على مستوى معين من الجودة، فإن فرض اختبار لتحديد المستوى وانتقاء التلامذة يظل إجراء عاديا تمارسه هذه المؤسسات .

وتابع المصرح نفسه أن غير العادي هو ألا يجد الممنوع من ولوج هذه المؤسسات مقعدا له في مدرسة عمومية تضمن له تعليما جيدا ، مشددا على أن انتشار الظاهرة مرده باختصار إلى ضعف جودة المدرسة العمومية من جهة وضعف قدرة المدرسة الخصوصية على توفير جميع الشروط التربوية للرفع من مستوى التلامذة غير المتفوقين .

رأي الناجي لم يتفق معه الخبير في السياسات التربوية، حسين الزاهدي، الذي اعتبر أنه لا يحق لأية مؤسسة تعليمية مدرسية أن تنتقي تلامذتها على أساس نتائجهم الدراسية أو اختبارات قبلية ، مستدركا أنه في المقابل من حقها إجراء تقويمات تشخيصية لمساعدة التلامذة على متابعة دروسهم بشكل جيد ومثمر .

وسجل الزاهدي، في تصريح لنا، أن التقويم التشخيصي الهدف منه هو تحديد الصعوبات التي يشكو منها المتعلم لمساعدته على تجاوزها وليس لحرمانه من الحق في التربية والتكوين ، محيلا على القانون الإطار الذي يلزم مؤسسات التعليم الخصوصي بمبادئ المرفق العام وهو ما يلزمها بفتح أبوابها في وجه الجميع وتمكينهم من التمتع بحقهم الدستوري والكوني في التعلم .

google-playkhamsatmostaqltradent