أسدل الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، الأربعاء، الستار على الدورة الثامنة من “تحدي القراءة العربي”، بتتويج الفلسطينية سلسبيل حسن صوالحة والسعودية كادي بنت مسفر والسوري حاتم محمد جاسم؛ وهي المرة الأولى من نوعها التي يكون فيها التتويج ثلاثيا منذ انطلاق المبادرة في موسم 2015-2016، بالنظر إلى “حصد نفس عدد أصوات الجمهور وكذلك رأي اللجنة التي ترأست التصفيات”.
وفي حفل نُظم بفضاء دبي أوبرا، بحضور 1500 نفر، منها شخصيات سياسية إماراتية وممثلي هيئات دبلوماسية وشخصيات إعلامية وثقافية ووفود الدول المشاركة، سلم الشيخ محمد بن راشد الجائزة التي قيمتها 500 ألف درهم إماراتي، للفائزين الثلاثة؛ بعد تأهلهم بداية إلى “سُداسي الحسم”، على المستوى العربي، إلى جانب سليمان الشميمري من الكويت، وعمر محمد السيد من الأزهر من مصر، وعبد الله القحطاني من السعودية.
وخلال الفعالية نفسها، تولى حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، تسليم الجائزة لمحمد فاتح الرباعي من السويد، الحائز على “بطل الجاليات”، الذي تأهل ضمن 26 مشاركا. كما توج ولي عهد دبي أيضا محمدا أحمد حسن من مصر، ممثلا للأزهر الشريف من مصر، ضمن فئة “أصحاب الهمم”؛ عقب وصوله إلى “منتهى التباري” بمعية لؤي الشريف من تونس وجوان عاصم من فلسطين.
وأما جائزة “المشرف المتميز”، فقد استحقها ربيع أحمد من سوريا، بعد أن حصد اللقب بعد تنافس مع إيمان مرسي من مصر وأفراح المطوطح من الكويت. وسلمه الجائزة سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية. وفيما يخص “المدرسة المتميزة”، فقد نالت الجائزة مدرسة “الإبداع – الحلقة الأولى” الإماراتية. وتسلمت ليلى عبد الوهاب المناعي، مديرة المؤسسة ذاتها، الجائزة البالغة قيمتها مليون درهم إماراتي من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
“مبادرة مترسخة”
فوزان الخالدي، مدير إدارة البرامج والمبادرات في مؤسسة “مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية”، قال إن مبادرة تحدي القراءة هي “ترجمة” لما اعتبره “رؤية للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وإيمانه بأن القراءة بداية الطريق لمستقبل أفضل قائم على العلم والمعرفة”، منوها بـ”المشاركة الكبيرة التي عرفتها الدورة الثامنة والأرقام الاستثنائية والقياسية التي حققتها”، وفق قوله؛ “فقد وصلنا إلى أكثر من 28 مليون مشاركة من 50 دولة”.
ووضّح الخالدي لهسبريس أن “الدورة عرفت أيضا مشاركة أكثر من 229 ألف مدرسة، وتحت إشراف 154 ألف مشرف ومشرفة”، عادا هذا “الإنجاز كبيرا” وتحقق “بفضل التعاون بين المبادرة ووزارات التربية والتعليم في الدول العربية”؛ ثم انتقل في هذا السياق إلى “الثناء” على المشاركة المغربية، التي وصفها بـ”الإيجابية” و”الطيبة”.
وزاد مدير إدارة البرامج والمبادرات في مؤسسة “مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية”: “وصلنا إلى 800 ألف مشارك من المغرب، وبلغت مشاركات المدارس 7165 مدرسة، ثم أكثر من 8500 مشرف”.
وعند سؤاله حول مفعول المشاركة المغربية في كل الدورات، علق عليها المسؤول الإماراتي سالف الذكر بأنها “جد مشرفة”، وبأنها “تشهد تناميا مضطردا دورة بعد أخرى. وهذا شيء نفتخر به، ونشكر المملكة المغربية عليه”، معلنا أن دبي “تتطلع إلى مشاركة أكبر في المواسم المقبلة من تحدي القراءة العربي. نسعى إلى أن نرى المزيد من المغربية مريم أمجون، التي تركت صدى رائعا وأثرا عميقا في العالم العربي كله”.
وأشار المتحدث لهسبريس إلى حضور ما وصفه بـ”الجدية” لدى الفاعل الرسمي في قطاع التربية في المغرب لتعميق التعاون.
وفي هذا السياق، أورد: “لدينا تنسيق ممتاز ومستمر مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي في المغرب”، لافتا إلى أن “هناك رغبة كبيرة من الوزارة في تعزيز مبادرة ‘تحدي القراءة العربي’ ضمن المناهج التي تدرس في المدارس وحث التلاميذ على المشاركة.. وهذا شيء نواصل تثمينه لينعكس في الدورة التاسعة المقبلة”.
“براعم أبطال”
الفلسطينية سلسبيل صوالحة (17 سنة)، إحدى الفائزين بجائزة الدورة الثامنة من “تحدي القراءة العربي”، ذكرت أن “التتويج كان دائما ضمن أحلامها وتصورها لما يأتي بعد القراءة؛ وذلك منذ أول مشاركة لها تحدي القراءة العربي سنة 2017”.
وشددت صوالحة، في تصريح لهسبريس، على أن “تتويج العلم الفلسطيني يكشف بلا أي مكان للتفاوض أن الأمل ينبعث من رماد الألم. هذه حكاية فلسطين المغتصبة. الوجود فيها يخلق صعوبات طبعا، لكنها شرف لنا”.
وزادت صوالحة: “هذا الفوز هو لكل شخص يواجه تحديات في فلسطين وفي العالم”، كاشفة أن “مشاعر لا توصف تعتمل في قلبها عقب إعلانها بطلة على المستوى العربي”، معربة عن أمانيها بأن تتمكن من “تحقيق أمور أكبر، وهي النجاح في الثانوية العامة، وتستطيع أن تؤثر في هذا العالم وتدفعه إلى النظر المعقول. درويش يقول ‘قف على ناصية الحلم وقاتل’.. هذا ما فعلتُ وهذا ما أنصح من هم في جيلي القيام به، فالفوز بهذه الجائزة المهمة هو نقطة تحول في حياتي وحياة كل من فاز بها”.
وأما السعودية كادي بنت مسفر (11 سنة)، التي تُوجت على مستوى السعودية من بين 1,409,990 مشاركا، والفائزة ضمن “ثلاثي” الدورة الثامنة، فلم تتوقف عن شكر والدها ووالدتها على “ما أسدياه لها لتكون بطلة اليوم بدبي”.
ومضت الطفلة الناضجة وهي تتحدث لهسبريس قائلة: “أحصد ثمرة تعبي. فخورة بنفسي ومحاولاتي وبإصراري وبعزيمتي وبكل الأشياء التي أوصلتني لهذا المكان. وحدي أعرف ما مررت به وكل الأشياء التي تخليت عنها حتى أصل لما أنا عليه”.
ونصحت الطفلة ذاتها جميع الأطفال بالمطالعة، عادة إياها “نصيحة أبدية تصلح في كل زمان ومكان”.
وزادت: “الأحلام العظيمة لا حدود لها، فهي تكشف أهمية الاجتهاد وضرورة مواصلة التعلم من أجل تحقيق الأهداف. الوصفة السحرية التي أسمعها دائما من والدتي هي ‘ابدأ القراءة’، ‘اقرأ’، ‘اقرأ عن أي شيء وأي شيء تجده أمامك’؛ فالنور يوجد بين دفتي الكتب”.
“أحلام تترامى”
البطل الثالث، حاتم محمد جاسم التركاوي من سوريا، والأصغر سنا (9 سنوات)، اعتبر أن “الفضل يعود إلى والدته التي دعمته وكانت بجانبه في كل المحطات”، مواصلا بإعلان “إخفاق اللغة في هذه اللحظة”.
وأورد: “إنها تتعطل لكونها غير قادرة على كشف كم أنا مبتهج بأن أرفع علم بلادي عاليا، وأجعله يُذكر في هذا المحفل وتتناقله وسائل الإعلام الكثيرة الحاضرة في هذا التحدي الكبير”.
وسجل محمد جاسم، متحدثا لهسبريس، أن “القراءة هي خلاصنا كأمة، هي ما سيساعدنا على أن ننهض وننمو حضاريا ونكبر مرة أخرى مثلما كنا”، ناصحا بدوره كل الشباب بالقراءة “ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، وأن يشاركوا في المبادرات العلمية على المستوى العالمي”.
وتابع خاتما وهو يخاطب مجايليه: “لا تستلموا ولا تيأسوا، فإن عشق الكتب لا يترك أحدا يعيش إلا والكتاب معه، القراءة وضعٌ لمن لا وضع له”.
هي أحلام وآمال تترامى، وهو ما يكشف عنه الفائز بجائزة “أصحاب الهمم”، المصري محمد أحمد حسن، الذي قال: “بين البصر والبصيرة تكمن حكايتي. ياء فاصلة بين الكلمتين، حرف تفقده الأولى وتتمتع به الثانية”.
وأضاف: “أنا عبد الله بن أم مكتوم في تحديه وإصراره، أنا طه حسين في عزمه وكفاحه، أنا بيتهوفن بموسيقاه الأثيرة، أنا هيلين كيلر (أديبة أمريكية).. أنا كل هؤلاء وأكثر. إن لي شغفا أصل به إلى أبعد الآفاق؛ والتتويج ليس نهاية الشغف؛ بل سأصل بهذا الشغف إلى أبعد من ذلك بكثير”.
وأوصى أحمد حسن، في حديثه لهسبريس، الأشخاص في وضعية إعاقة وغيرهم إلى “المشاركة في جميع المسابقات التي توجد أمامهم”.
وأجمل قائلا: “لقد تباريتُ في مبادرات كثيرة، وحزت المركز الثاني في المسابقة العالمية للقرآن الكريم، والآن المركز الأول في فئة ذوي الهمم في مسابقة تحدي القراءة العربي”.
وزاد: “أريد أن أقول إن هذه المسابقة تنمي الروح القرائية، فلا تتعامل معها تعاملا تنافسيا، وإنما تعامل معها على أنها مسابقة تمكن الفرد من النهوض بنفسه ووطنه ومجتمعه”.