نظم مركز البحث الديداكتيكي والبرامج البيداغوجية بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، اليوم الثلاثاء، لقاء علميا، بمناسبة احتفاله باليوم العالمي للمدرس، قدمت فيه المؤسسة الدستورية الوصية على تأهيل اللغة والثقافة الأمازيغيتين كتابا موسوماً بـ”دليل مدرس(ة) اللغة الأمازيغية بالمعاهد العليا لتكوين الأطر وبالمؤسسات العمومية”؛ وركز على النسخة الفرنسية من الدليل، على اعتبار أن العربية منه توجد حاليا قيد الطبع.
“تحديات مطروحة”
أحمد بوكوس، عميد “إركام”، قال إن الهدف من اللقاء ومن المؤلف هو بالدرجة الأولى “التشارك في الرؤية وكذلك في تنزيل بعض المقتضيات العامة الخاصة بتدريس اللغة الأمازيغية التي يتعاون فيها المعهد مع سائر الفاعلين، لاسيما وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة والمدرسة العليا للإدارة، وغيرهما”، مسجلاً أن الاحتفاء بيوم المدرس هو تقليد امتد لمدة تناهز عشرين سنة تقديرا لجهود مدرسات ومدرسي “تمازيغت”.
وأشار بوكوس في كلمته إلى أن “العملية هذه المرة تندرج في إطار عمل ”اليونسكو’، وخاصة الدورة التي خُصص لها شعار مفاده ‘تثمين أصوات المدرسين من أجل عقد اجتماعي جديد للتربية'”، مردفا: “هذا المفهوم (عقد اجتماعي جديد) له مسوغاته في الظرفية الراهنة؛ فكلنا نعلم الحيثيات التي يندرج من خلالها هذا الشعار”، وزاد: “ولا تخفى على أحد الحاجة إلى طرح هذا الموضوع في السياق الحالي ببلادنا”.
ودافع عميد “إركام” عن الأساتذة الذين قائلا: “نعلم الأوضاع التي يعيشها المدرّسون، وتكون في بعض الأحيان مزرية، في ما يهمّ تدريس اللغة الأمازيغية. وقد تمت الإشارة إلى النواقص طيلة هذه السيرورة”، خاتما: “نحن بالمعهد نعتز بكوننا ربما من المؤسسات القليلة التي تواظب على تنظيم مثل هذه التظاهرات، في سبيل الرقي والارتقاء بالمدرسة المغربية وبوضعيّة الأساتذة والأستاذات”.
“دليل مرجعي”
بنعيسى يشو، مدير مركز البحث الديداكتيكي والبرامج البيداغوجية، استحضر ما تحقق وطنيا في ورش تدريس اللغة الأمازيغية ومساهمة المعهد فيه، لاسيما بالمعاهد العليا لتكوين الأطر وبالمؤسسات العمومية، إذ عرف تطورا ملحوظا خاصة بعد صدور القانون التنظيمي 26-16 المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، الذي سبقه منشور رئيس الحكومة سعد الدين العثماني القاضي بتدريس اللغة الأمازيغية بخمسة معاهد عليا، وتلاه منشور آخر يقضي بإلزامية استعمال اللغة العربية واللغة الأمازيغية في الإدارات العمومية.
ومع ذلك فإن هذا الورش، بالنسبة ليشو، “مازال يعرف بعض الاختلالات، يرتبط معظمها بقلة الموارد البشرية المكونة والمؤهلة للقيام بعملية التكوين والتدريس بهذه المعاهد والمؤسسات العمومية، وكذا بندرة المعدات والأدوات الأندراغوجية المساعدة”، وزاد: “إصدار الدليل ينسجم مع المهام المنوطة بـ’إركام’، ومساندته إدراج اللغة الأمازيغية في منظومة التربية وضمان إشعاعها في الفضاء الاجتماعي والثقافي والإعلامي الوطني والجهوي والمحلي، كما جاء في الظهير المحدث للمعهد”.
وكشف المتحدث أن المعهد ساهم بدوره في تأطير العديد من الدورات التكوينية، وفي تنفيذ العديد من البرامج التدريبية بمختلف المعاهد العليا لتكوين الأطر وفي مجموعة من المؤسسات العمومية التي طلبت منه المساهمة في تكوين أطرها وموظفيها، مردفا: “من أجل توثيق هذه المساهمات المتعددة وجعلها بين يدي كل من يرغب في تعلم هذه اللغة الدستورية أو تدريسها عمل المعهد على تأليف هذا الدليل، الذي سهر على إخراجه ثلة من الباحثين المتخصصين والممارسين؛ ويتوخى إنماء الكفايات الكتابية والتواصلية والثقافية لدى المتعلمين”.
“حجرة أولى”
عبد السلام خلفي، المدير السابق لمركز البحث الديداكتيكي والبرامج البيداغوجية، سجل أن الدليل المفصل الذي يتم تقديمه، وساهم في إعداده الباحث عبد الله بوزنداك ومصطفى الصغير وبشرى البركاني وآخرون، “موجه في الأساس إلى أطر التدريس، وهو حجرة أولى في صرح أندراغوجيا اللغة الأمازيغية لتعليم ‘تمازيغت’ للكبار”، مضيفا أن “هذا الكتاب له أهمية بالغة بوصفه أداة عملية للأساتذة الذين سيدرّسون هذه اللغة الدستورية”.
وقال خلفي، ضمن مداخلة له، إن “الكتاب يمد الأساتذة بمقاربات عملية لتعليم اللغة وتدريسها وينمي الكفايات اللغوية والثقافية للمتعلمين الكبار”، موردا أن إعداده “جاء استجابة للطلب المؤسساتي المتزايد على تعلم اللغة الأمازيغية؛ وهو الذي جعل مركز البحث الديداكتيكي والبرامج البيداغوجية يشتغل على إخراجه وتوجيهه لفائدة المعاهد العليا للتكوين والمؤسسات العمومية؛ كما يمكن أن يعتمد من طرف المجتمع المدني”.
وحسب المتحدث سالف الذكر فإن المؤلف “عصارة تجربة امتدت منذ سنة 2006 إلى اليوم”، موضحاً أن “إركام” منذ نحو عقدين ساند تدريس الأمازيغية داخل المؤسسة وأيضا بعدد من المؤسسات والمعاهد العليا للتكوين؛ “كما عمل خلال هذه الفترة ليس فقط على إنتاج هذا الدليل، بل كذلك على إنتاج كتب لتعليم اللغة الأمازيغية للكبار بفروعها الثلاثة، ويشتغل حاليا على تدريس اللغة الأمازيغية للكبار عن بعد”.