على بعد نحو أسبوع من الدخول البرلماني المقبل، أبدى نواب من الأغلبية والمعارضة استعدادهم لتكثيف العمل الرقابي خلال السنة التشريعية المقبلة من أجل الدفع بحظر استخدام الهواتف النقالة في المؤسسات التعليمية المغربية، بما في ذلك استدعاء وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، إلى اجتماع للجنة التعليم والثقافة والاتصال لمناقشة “الإجراءات التي يتعيّن على وزارته اتخاذها لتنزيل هذا الحظر الذي بات أمرا ملحا بالنظر لتفاقم تأثير هذه الهواتف على سير العملية التربوية وتنامي استخدامها من قبل التلاميذ في ممارسات مسيئة تربويا وأخلاقيا، وفق ما تؤكده المعطيات الرسمية”.
جاء هذا ضمن تعليقات قدّمها النواب لهسبريس حول “معطيات وبيانات مقلقة” كشف عنها تقرير حديث للمجلس الأعلى للتربية والتكوين بخصوص تزايد العنف الرقمي بالمدارس المغربية، مسجّلا وقوع 8,6 في المئة من التلامذة ضحايا للتوزيع غير الرضائي لصور أو مقاطع فيديو حميمية، وغدو الإهانات والسخرية أمرا شائعا بين تلاميذ المدارس الثانوية، مؤكدا وقوع 22,1 في المنة من هؤلاء ضحية لهذا النوع من العنف الرقمي.
وشدد هؤلاء النواب على ضرورة اتخاذ الوزارة الوصيّة إجراءات “عملية” لتطبيق الحظر، من قبيل “تزويد المؤسسات التعليمية بدواليب اسمية توضع فيها الهواتف إلى حين الفراغ من الدرس، وأجهزة للتشويش على إشارات الهواتف”، مؤكدين الحاجة إلى “تعديلات للأنظمة الداخلية لهذه المؤسسات لكي تتضمن هذا الحظر”.
ومطلع السنة الجارية فرضت هولندا حظرا على استخدام الهواتف الجوالة في فصول المدارس الثانوية، قبل أن تعممه على المدارس الابتدائية مع بداية العام الدراسي الجديد، “في خطوة لافتة كانت قد سبقتها إلى تطبيقها كل من اليونان وإيطاليا أيضا، عبر منع استخدام الهواتف الجوالة في الفصول”، وفقا لوكالة الأنباء الألمانية.
“دعوة اللجنة”
في تعليقه على الموضوع، أوضح إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، أن فريقه “عازم بقوّة على تحريك النقاش داخل قبة البرلمان حول حظر استعمال التلاميذ للهواتف المحمولة داخل المؤسسات التعليمية خلال الدخول البرلماني المقبل؛ بالنظر إلى وعيه بما يرافق هذا الاستخدام من ممارسات غير أخلاقية، من قبيل التقاط صور مسيئة للزملاء وتوزيعها دون رضاهم، أو اتخاذ صورهم مادة للسخرية والتندر داخل شبكات التواصل الاجتماعي”، مردفا أن “هذا الأمر، بالإضافة إلى تداعياته الاجتماعية والثقافية الخطيرة، له تبعات تربوية تتمثل في التأثير على العملية التربوية وعلى استغلال الزمن الدراسي والتشويش على باقي التلاميذ الذين لا يحملون معهم هواتف نقالة”.
وأضاف السنتيسي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الفريق الحركي مستعد خلال السنة التشريعية الجديدة للدعوة إلى عقد اجتماع للجنة التعليم والثقافة والتواصل يحضره وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضي، لمناقشة الإجراءات المتخذة والممكن تنفيذها للحد من هذه الظاهرة”، مبرزا أن “الفريق سبق له أن وجّه مجموعة من الأسئلة الكتابية بهذا الشأن، وسيقوم بإعادة توجيه أخرى مماثلة على اعتبار أن ما سيرد ضمن أجوبة الأسئلة الكتابية سيكون بمثابة تعهدات ملزمة من الوزارة الوصيّة”.
وشدد رئيس فريق “السنبلة” بمجلس النواب على أن “ما سيطالب به الفريق الحركي الوزارة الوصيّة هو تكثيف المراقبة من خلال إجراءات عمليّة من قبيل إلزام جميع المؤسسات التعليمية بتخصيص دواليب اسمية تودع فيها مثل هذه الآليات إلى حين الانتهاء من الدرس، ووضع أجهزة للتشويش على الهواتف داخل هذه المؤسسات تحول دون استخدامها”، مؤكدا أن “من بين هذه الإجراءات أيضا إرساء أنظمة داخلية بالمؤسسات التعليمية تمنع منعا كليا على التلاميذ والأساتذة استعمال الهواتف النقالة داخل الأقسام”.
وأوضح السنتيسي في ختام تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية أن “محاصرة ظاهرة استخدام التلاميذ الهواتف النقالة بالمؤسسات التعليمية بما يجنب تبعاتها السلبية سالفة الذكر، هي مسؤولية مشتركة بين المنظومة التعليمية والأسرة؛ لأن هذه الأخيرة مطالبة بالقيام بدورها في التحسيس وتشديد المراقبة على أبنائها”.
“تحريك النقاش”
من جهته، قال أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، إن فريقه “يؤرقه بدوره انتشار استخدام التلاميذ بالأسلاك الإعدادية والثانوية الهواتف النقالة بالمؤسسات التعليمية، حتى بات ينظر إلى التلميذ الذي لا يحضر الهاتف أو لا يتوفّر عليه في هذه المستويات بمثابة حالة شاذة يتعرّض لشتى ضروب الإهانة والسخرية”، مضيفا أن “ما صار ينطوي عليه هذا التوظيف من ممارسات مسيئة للأخلاق والتربية ومعرقلة للسير السليم للعملية التربوية، يفرض إعادة بعث النقاش داخل قبة البرلمان بشأن حظر هذه الهواتف داخل المؤسسات التعليمية”.
وأبدى التويزي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، انفتاحه “على طرح مسألة حظر الهواتف بالمدارس خلال الاجتماع المقبل للجنة التعليم والثقافة والاتصال، والدعوة إلى التئامها في اجتماعات أخرى مخصصة حصرا لهذا الحظر، ولمناقشة الإجراءات الواجب على الوزارة اتخاذها لتنفيذه”، موردا أن على رأس هذه الإجراءات “توجيه الوزارة مذكرة إلى مديري ومديرات المؤسسات التعليمية لمطالبتهم بإدخال تعديلات على أنظمتها الداخلية لتتضمن هذا الحظر، وتطبيقه بصرامة، وذلك بتكثيف المراقبة سواء من قبلهم أو من قبل الحراس العامين والأساتذة”، مؤيدا بدوره تطبيق الإجراءت الواردة على لسان إدريس السنتيسي، رغم أن “إمداد المؤسسات التعليمية بالأجهزة سالفة الذكر سيتطلّب رصد إمكانيات مادية مهمة”.
وأوضح المتحدّث أن “المغرب مطالب بأن يحذو حذو دول عديدة تشكل مضرب المثل في جودة التعليم، كاليابان والسويد، التي لجأت إلى منع الهواتف النقالة داخل المؤسسات التعليمية؛ لأنها أدركت أضرارها التربوية والأخلاقية والاجتماعية”، مؤكدا مرة أخرى استعداد “فريق البام لمناقشة إمكانية طرح مقترح قانون لحظر شبكات التواصل الاجتماعي على الأطفال دون سن معين (16 سنة) ما دامت هذه الشبكات هي المصدر الرئيسي لأضرار الهواتف النقالة، رغم التعقيدات التقنية التي قد تنطوي عليها هذه الخطوة وإمكانية مواجهتها بغضب من المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية التي قد تعتبرها نكوصا حقوقيا وتعديا على حرية الرأي والتعبير”، مشددا على أن “هذا يتوجبّ نقاشا موسعا بين مختلف التنظيمات السياسية والحقوقية وجمعيات المجتمع المدني والمواطنين”.