تتواصل أزمة طلبة الطب في المغرب، وتتصاعد حدة الانتقادات الموجهة إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي، الذي بات يمثل في نظر الكثيرين المسؤول الأول عن الوضع المتأزم الذي وصلت إليه هذه الشريحة الحيوية من المجتمع.
فمنذ اندلاع الأزمة، والتي تعود جذورها إلى الخلافات حول نظام الدراسة وتعديل المناهج، لم يتردد المتظاهرون والناشطون الحقوقيون في تحميل الوزير المسؤولية الكاملة عن الفشل في إيجاد حلول توافقية ترضي جميع الأطراف. فميراوي، الذي كان يُنظر إليه في بداية توليه المنصب على أنه رجل إصلاح، سرعان ما وجد نفسه في مواجهة انتقادات لاذعة بسبب ما يعتبره الكثيرون تعنتًا في المفاوضات وتجاهلًا لمطالب الطلبة المشروعة.
تحميل ميراوي المسؤولية الكاملة عن هذه الأزمة قد يكون أمرًا مبالغًا فيه، فالأزمات المعقدة لا تولد في فراغ، بل هي نتاج تراكمات تاريخية وهيكلية. ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن أداء الوزارة في التعامل مع هذه الأزمة كان دون المستوى المطلوب. فغياب الحوار البناء، واللجوء إلى الحلول الأمنية، والتواصل غير الفعال مع الطلبة، كلها عوامل ساهمت في تفاقم الأزمة وتعميق الهوة بين الطلبة والوزارة.
من جهة أخرى، فإن تصريحات ميراوي المتكررة حول النجاحات التي حققتها الوزارة في إطار الإصلاحات التي باشرتها، تبدو متناقضة مع الواقع الذي يعيشه الطلبة. فبينما يشكو الطلبة من نقص الموارد، وتدهور البنية التحتية، وتشبع السوق بالأطباء، يصر الوزير على أن الإصلاحات تسير في الاتجاه الصحيح. هذا التناقض الصارخ بين الخطاب الرسمي والواقع المعاش، يزيد من حدة الأزمة ويقوض مصداقية الوزارة.
استمرار هذه الأزمة دون حل، يهدد بتقويض الثقة في النظام التعليمي المغربي، ويؤثر سلبًا على مستقبل قطاع الصحة. فالمغرب في حاجة ماسة إلى أطباء مؤهلين وكفاءات عالية لتلبية احتياجاته الصحية المتزايدة. ولكن كيف يمكن تحقيق ذلك في ظل هذه الأزمة التي لا تزال مفتوحة؟
ويتطلب حل أزمة طلبة الطب من جميع الأطراف تحمل مسؤولياتها، بدءًا من الحكومة التي يجب عليها أن تظهر جدية أكبر في التعامل مع هذه القضية، وانتهاءً بالطلبة الذين يجب عليهم أن يعبروا عن مطالبهم بطريقة سلمية وحضارية. كما يتعين على المجتمع المدني والأساتذة الجامعيين أن يلعبوا دورًا إيجابيا في البحث عن حلول وسطية تساهم في إنهاء هذه الأزمة.
قد يؤدي استمرار تجاهل مطالب الطلبة، وتراكم الاحتقان، إلى نتائج وخيمة لا يمكن توقعها. لذلك، فإن على الحكومة أن تتحرك بسرعة وحزم لإيجاد حلول عاجلة لهذه الأزمة، وأن تفتح حوارًا جادا وشاملاً مع جميع الأطراض المعنية، بهدف إيجاد مخرج من هذا النفق المظلم.