recent
آخر المواضيع

مدارس تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة

 
الصويرة حفيظ صادق

في قلب الجماعة الترابية سيدي أحمد أومبارك بإقليم الصويرة، تقف المؤسسة التعليمية التأهيلية مولاي إسماعيل شاهدًا على حالة مؤسفة من الإهمال البنيوي الذي يُعرقل مستقبل جيل كامل من التلاميذ. ما كان يجب أن يكون مكانًا للعلم والمعرفة تحول إلى مسرح لمعاناة مستمرة، حيث يفتقر التلاميذ إلى أبسط حقوقهم الأساسية: الماء، الكهرباء، والمرافق الصحية.

في بيئة تتزايد فيها أهمية التكنولوجيا في التعليم، تُحرم هذه المؤسسة من الكهرباء، مما يُغلق الباب أمام الاستفادة من الأدوات الحديثة التي تُعتبر اليوم ضرورة لتطوير القدرات التعليمية للتلاميذ. السبورات الذكية، أجهزة الكمبيوتر، والمواد التعليمية الرقمية ليست حتى جزءًا من الحلم هنا، لأن واقع المؤسسة يُركز فقط على البقاء في ظل غياب أبسط متطلبات الحياة اليومية.

ليس فقط غياب الكهرباء هو العائق الوحيد، بل إن غياب المياه يخلق مشاكل أكبر وأكثر تعقيدًا. في بيئة تعليمية يجب أن تُشجع على النظافة والصحة، لا يجد التلاميذ وأساتذتهم الماء اللازم لغسل الأيدي أو الشرب، مما يُضاعف من مخاطر انتشار الأمراض، خصوصًا في ظل الكثافة الطلابية .

وربما يكون الجانب الأكثر مأساوية هو غياب المرافق الصحية. كيف يمكن للتلاميذ أن يتعلموا وينموا وهم يُضطرون إلى البحث عن أماكن عشوائية لقضاء حاجتهم؟ هذه الظروف غير الصحية تؤثر بشكل مباشر على صحة التلاميذ، وتزيد من حالات التغيب، حيث يخشى الكثير منهم القدوم إلى المدرسة بسبب هذه الظروف.

التعليم في بيئة غير صحية وغير ملائمة يخلق بيئة سلبية تؤثر على معنويات التلاميذ وأدائهم الأكاديمي. كيف يمكن لتلميذ أن يُركز على دراسته بينما هو قلق بشأن حاجاته الأساسية؟ بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر غياب الكهرباء والمياه بمثابة حاجز أمام تكوين علاقات صحية بين التلاميذ والمدرسين، مما يجعل العملية التعليمية أكثر تعقيدًا.

في ظل هذا الوضع، تبرز تساؤلات حول دور السلطات المحلية والمجالس المسؤولة عن الجماعة الترابية. هل يُعقل أن تمر السنوات دون تدخل جاد لحل هذه المشاكل؟ إن بقاء هذه المؤسسة في هذه الحالة يُعتبر تقصيرًا واضحًا في حق جيل كامل من الشباب الذين يُفترض أن يكونوا عصب المستقبل.

لقد قامت العديد من الجمعيات المحلية والأطراف المعنية بمحاولات لإيصال صوت هذه المدرسة إلى الجهات المختصة، ولكن إلى الآن لم يتم اتخاذ أي خطوات عملية تُذكر. هذا التأخير في معالجة الأمور يزيد من تردي الوضع ويُفاقم معاناة التلاميذ وأسرهم.

إن التعليم هو حق أساسي لكل طفل، وليس امتيازًا يُمنح فقط للبعض. لا يُعقل أن تظل مدارس بإقليم الصويرة وبالخصوص في مناطق نائية مثل سيدي أحمد أومبارك، تعيش في ظروف تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة. ينبغي أن تكون المدرسة مكانًا آمنًا وصحيًا يعزز من رفاهية التلاميذ ويساعدهم على النمو والازدهار.

الحلول لهذه الأزمة ليست مستحيلة، بل تحتاج إلى إرادة سياسية وتعاون بين الأطراف المعنية. يجب على السلطات المحلية توفير الميزانيات اللازمة لتجهيز المدرسة بالبنية التحتية المناسبة، بما في ذلك توصيل الماء والكهرباء وإنشاء مرافق صحية لائقة. كما ينبغي تعزيز التعاون مع المجتمع المدني والشركات الخاصة لدعم هذه الجهود من خلال تمويل المشاريع الصغيرة التي تُعنى بتطوير البيئة التعليمية في المناطق النائية.

إن الأزمة التي تواجهها المؤسسة التعليمية التأهيلية مولاي إسماعيل ليست مجرد مشكلة محلية، بل هي انعكاس لواقع تعليمي يحتاج إلى إصلاحات جذرية. يجب أن تكون هذه القضية على رأس أولويات المسؤولين لأن الاستثمار في التعليم هو استثمار في المستقبل. نأمل أن تتحرك السلطات المعنية بسرعة لحل هذه المشاكل، لأن كل يوم يمر هو يوم آخر يُحرم فيه تلاميذ هذه المدرسة من حقهم في التعليم الكريم.

google-playkhamsatmostaqltradent