recent
آخر المواضيع

خبراء يحذرون من تأثير ضغط العمل على الصحة العقلية للشغيلة المغربية


أجمع مختصون، الثلاثاء، على أن “مقرات العمل تتسبب لعدد من الموظفين والأجراء بالمغرب في ضغوطات نفسية ترتقي لتصبح سببا لمشاكل تضر بصحتهم العقلية؛ فالتوترُ وضغط العمل والحساسيات بين الرؤساء والمرؤوسين عادة ما تتسبب، بنسب مهمة، في رفع عدد الاضطرابات النفسية بالبلاد”.

جاء هذا الإجماع ضمن لقاء نظمته الجمعية المغربية لتنظيم الأسرة، بشراكة مع تنظيمات أخرى، بما فيها ائتلاف “أمل”، وعرف مشاركة مختصين في الطب النفسي والصحة العقلية، إلى جانب فاعلين مدنيين ممّن يترافعون لخلق مناخ خالٍ من الأمراض العقلية؛ في إطار الاحتفاء باليوم الدولي للصحة العقلية الموافق للعاشر من أكتوبر من كل سنة.

وتطرق المشاركون بشكل صريح لجوانب من تفشي الاضطرابات العقلية في صفوف شرائح من المغاربة، وذلك بفعل مجموعة من الإكراهات، غير أنهم أشاروا إلى أن “ضمان عدم تأثير مناخ العمل على الصحة العقلية للمغاربة يبدو أمرا ضروريا وأولوية، من خلال سن تشريعات وإلزام أرباب العمل بالتقيد بها، إذ إن المحيط الذي يشتغل به مغاربة يخلق لديهم اضطرابات عقلية”.

إشكالية بارزة

عبد اللطيف المعمري، المدير التنفيذي للجمعية المغربية لتنظيم الأسرة، قال إن “مشكل الصحة العقلية عالمي في نهاية المطاف، غير أن المغاربة لا يخرجون عن هذه الدائرة بدورهم؛ فما بين 60 و80 في المائة من حالات الانتحار تكون ناتجة أساسا عن المشاكل المرتبطة بهذا الجانب”.

وبحسب المعمري، الذي ألقى مداخلة في هذا الصدد، فإنه “مازال للأسف ينظر بطريقة غير لائقة لموضوع الصحة من قبل عدد من المغاربة، فنصدم دائما بتعبير ‘حشومة’؛ فيما إشكال الصحة العقلية حاضر بالمغرب، خصوصا في صفوف الموظفين، سواء بالقطاع العام أو الخاص، إذ تتسبب بعض الاضطرابات التي يعيشها المستخدم بمقر العمل، بما فيها المشاكل مع رؤساء العمل، في خلق ضغوطات نفسية لديه”؛ كما ذكر أن “الأرقام في نهاية المطاف ارتفعت في السنوات الأخيرة، منذ فاجعة كورونا، بالنظر إلى ما ترتب عليها من حالات كبرى من فقدان العمل، ما أصاب كثيرا من الموظفين بالهستيريا مثلا، التي تعتبر في نهاية المطاف اضطرابا يصيب الصحة العقلية للمواطنين”.

وبيّن المتحدث ذاته أن “العلاقة بين العمل والاضطرابات العقلية ثابتة، إذ تساهم ضغوطات أماكن العمل وكذا العلاقة بين الرؤساء والمرؤوسين في نشوء جزء منها، وهو ما يثير كذلك مسؤولية أرباب العمل من أجل توفير ظروف عمل جيدة ووسائل للترفيه من أجل تفادي الضغوطات التي تنشأ في هذا الإطار”، خالصا إلى أن “المؤسسة التشريعية هي الأخرى مدعوة إلى إقرار تشريعات تحمي الصحة العقلية للموظفين والأجراء”.

“الدواء لوحده غير فعال”

محمد اليوبي، مدير الأوبئة ومحاربة الأمراض بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، فأكد من جهته أن “مشاكل الصحة العقلية ليست بالبعيدة عن المجتمع المغربي، إذ إن هذا المرض مازال يمس عددا من المواطنين بالبلاد، غير أن الأساسي في هذا الصدد هو أن الاعتماد على الجانب الاستشفائي لوحده غير كافٍ، إذا لم يكن مصحوبا بمواكبة المريض”.

وأضاف اليوبي أن “الاستمرار في المنهجية نفسها لا يكون عادة مفيدا، في حن أنه ليس هناك أي دواء يمكن أن يساعدنا على القضاء على الأمراض العقلية بالمملكة”، موردا أن “ضمان الصحة العقلية للمواطنين يبقى ورشا مفتوحا أمام كل من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية وفعاليات المجتمع المدني هي الأخرى التي من الضروري أن تقوم باللازم”

حق كوني

على النحو ذاته سار تدخُّل لطيفة بلكحل، دكتورة بمديرية الأوبئة ومحاربة الأمراض بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، التي استعرضت بداية النظرة الأممية للصحة العقلية، فحسبها “هذه الأخيرة حق إنساني، وحالة تُنم عن راحة عقلية يتمتع بها الفرد بفعل توافر مناخ ساهم في ذلك”.

كما تحدثت بلكحل عن ارتباط مناخ العمل بضمان الصحة العقلية للأجير أو الموظف، إذ كشفت أن “المرض العقلي يؤثر سلبا على الأداء والقيمة المضافة التي يقدمها الفرد للوسط المهني الذي يشتغل فيه ولِمهنته كذلك”، في حين أقرتْ بأنه “لا يمكن التقدم في مستويات التنمية البشرية بدون ضمان أسس صحة عقلية سليمة للمواطنين”، خالصة إلى أن “الإستراتيجية الوطنية للصحة 2030 تتضمن عناصر يمكن الاشتغال عليها في هذا الجانب”.

ودخلت خديجة الغالمي، رئيسة الجمعية المغربية لتنظيم الأسرة، هي الأخرى على الخط، إذ شددت على “ضرورة وجود توجّه وطني صوب حماية الصحة العقلية للعمال والموظفين داخل أماكن العمل، وذلك من خلال إقرار تشريعات والكشف عن توجهات للمؤسسات المعنية بالموضوع”، وسجّلت “الحاجة الملحة إلى مزيد من الإجراءات التنظيمية بغرض توفير مناخ سليم لفائدة الأفراد على مستوى مقرات العمل”.

وذكّرت الغالمي مختلف المسؤولين وأرباب العمل بـ”كون ضمان الصحة العقلية لأُجرائهم أمر ضروري، على اعتبار أنها ترتبط أساسا بحق كوني يتمثل في التمتع بصحة عقلية جيدة وعدم التعرض لمناخ يضر بصحة العقل الآدمي”.

 

google-playkhamsatmostaqltradent