لا تزال المركزيات النقابية متمسكة بضرورة عقد جلسة ثانية من الحوار الاجتماعي برسم سنة 2024 بعدما لم يتم عقد جلسة شتنبر بعدُ، على الرغم من وجود مجموعة من الملفات التي تستأثر باهتمام الشغيلة المغربية سواء بالقطاعين العام والخاص.
ولم تلتئم النقابات مع الحكومة وأرباب العمل مجددا منذ أن وقّعت هذه الأطراف جماعة على الاتفاق الذي يضم الزيادة في الأجور في التاسع والعشرين من أبريل الماضي؛ وهو ما تعتبره أصوات نقابية بمثابة “إخلالٍ من الحكومة بالالتزام الذي يقضي بمأسسة الحوار الاجتماعي في جولتين كل سنة: الأولى في أبريل والثانية في شهر شتنبر”، مؤكدة أنها “تجهل أسباب استمرار المؤسسة التنفيذية في عدم عقد هذه الجولة رغم وجود ما يؤكد ما يستدعي ذلك”.
ويستند النقابيون في تأكيدهم على أولوية عقد جلسة ثانية من الحوار الاجتماعي إلى الميثاق الوطني للحوار الاجتماعي الذي تم التوقيع عليه، ليكون بذلك محددا لفترات لقاء الحكومة بالنقابات وأرباب العمل لبحث الإشكاليات التي تؤرق الشغيلة المغربية على العموم.
ويتزامن غموض جلسة الحوار الاجتماعي كذلك مع تحركاتٍ ليونس السكوري، وزير الادماج الاقتصادي والمقاولة والصغرى والشغل والكفاءات، تهُمُّ مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في الإضراب، والذي تم تحديد الـ26 من شهر نونبر الجاري بالنسبة للنواب البرلمانيين لوضع تعديلاتهم على مستوى لجنة القطاعات الاجتماعية.
“خرقُ التزامٍ”
الميلودي موخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، قال معلقا على الموضوع: “كنا قد اتفقنا مع الحكومة، في أبريل 2023، على مأسسة الحوار الاجتماعي في دورتين في كل سنة؛ أبريل وشتنبر، حيث تخصص الثانية للتشاور حول مشروع قانون المالية وإقرار إجراءات لفائدة الأجراء في القطاعين العام والخاص، بما فيها الزيادة في الأجور ومتابعة تخفيض الضريبة على الأجر بالنسبة للأجراء الذين يؤدون جماعة 74 في المائة من إجمالي الضريبة على الدخل”.
واعتبر موخاريق، في تصريح لنا، أنه “للأسف، فالحكومة أخلّت بالتزامها ولم توجه الدعوة إلى المركزيات النقابية لعقد جولة شتنبر لأسباب نجهلها، حيث قيل لنا بداية إنه يمكن أن تؤجل إلى أكتوبر بفعل تعديل حكومي مرتقب؛ غير أننا اليوم العشرين ي من شهر نونبر، بما يعني أن الحكومة خرقت الالتزام الموقع بين ما يسمى أطراف الإنتاج، بما فيها رئيس الحكومة والحركة النقابية والاتحاد العام لمقاولات المغرب”.
وزاد: “هذا الأمر لا نفهمه، وهو مجانب للصّواب. ومن يعتقد بتهميش الحركة النقابية في دراسة الملفات الاجتماعية الكبرى فهو مخطئ، ولو كان وزيرا؛ لأن الحركة النقابية، بما فيها الاتحاد المغربي للشغل، هي قوة اقتراحية”، مؤكدا أنه “لو تم تمرير الصيغة الأولى من مشروع النص الخاص بدمج “كنوبس” في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي كانت ستكون كارثة بالنسبة لما يصل إلى 3 ملايين منخرطٍ وستحدث هزات اجتماعية وسط الوظيفة العمومية؛ لكن تحمّلنا المسؤولية وقمنا بتحضير قانون جديد يحافظ على مكتسبات المنتمين إلى “كنوبس””.
المسؤول النقابي ذاته أوضح بخصوص عدم عقد “جولة شتنبر” للحوار الاجتماعي أنه “نجهل الأسباب ولم نُشعر بذلك؛ في حين أن صاحب الجلالة يؤكد في خطبه دائما على الحوار الاجتماعي، بينما أكدت الحكومة على لسان وزيرة الاقتصاد والمالية أنها ستنهج حوارا اجتماعيا”، مستدركا: “الوزير المكلف بالحوار الاجتماعي ومعه الحكومة، سواء استدعونا أو لم يستدعونا، فالنضالُ على أرض الواقع وانتزاع مطالب العمال في الساحة مطروح، حيث لا ننتظر أساسا أن يجتمعوا معنا بخصوص مواضيع فضفاضة”.
وكشف الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل أن “الشغيلة المغربية ستواصل نضالها في هذا الصدد، والحكومة ستتحمل وقتها المسؤولية بخصوص ما يمكن أن ينتج عن الوضعية المرتبطة بتجميد الحوار الاجتماعي”.
ملفات للنقاش
يونس فيراشين، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أكد، من جهته، “عدم وجود تجاوب من قبل الحكومة في هذا الصدد، على الرغم من أن الميثاق الوطني للحوار الاجتماعي ينص على جولتين؛ وهو مبدأ للأسف لم تحترمه الحكومة بخصوص الجولة، التي كان يجب أن تتم أساسا في شتنبر الماضي”.
وأضاف فيراشين، في تصريح لنا، أن “مجموعة من الملفات المطروحة كان من المفترض أن تتم مناقشتها في جولة شتنبر؛ بما فيها دمج كنوبس في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي لم يتم النقاش بخصوصه مع النقابات، فضلا عن ملفات أخرى ذات طبيعة فئوية”.
وزاد: “حوار النقابات مع الوزير السكوري يخصُّ مشروع القانون التنظيمي الخاص بالإضراب، ولا يمكن في نهاية المطاف أن يُعوّض جولة شتنبر من الحوار الاجتماعي. على هذا النحو، يمكن القول، بعد أن تمت المصادقة على مشروع قانون المالية بالبرلمان، إن الجولة لم يعد لها معنى في نهاية المطاف”، موردا أن “هذه الجولة كان من المفترض أن تتم في شتنبر للاستماع لآراء النقابات بخصوص مشروع قانون مالية 2025”.
كما ذكر أن “الحكومة على العموم لم تلتزم بجدولة الحوار الاجتماعي، وتم القفز على جولة شتنبر بدون أي سبب؛ وذلك بعدما تم تأجيلها السنة الماضية بفعل تزامنها مع الزلزال، والذي كان بالتأكيد سببا موضوعيا”، مؤكدا في الأخير أن “المجلس الوطني للكونفدرالية الديمقراطية للشغل سيعقد اجتماعه، وسيتخذ القرارات النضالية المناسبة بهذا الخصوص”.