أثار تماطل عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس فتح شعبة للدراسات الأمازيغية، غضب نشطاء أمازيغ، الذين اعتبرواه تحدياً صريحاً للدستور ، ويتنافى مع الإرادة الملكية الراسخة في إنصاف الأمازيغية ، داعين إلى التراجع عن القرار غير المبرر وغير المسؤول .
لحسن أمقران، ناشط أمازيغي وأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط، قال إن أصل هذه القضية يعود إلى الرفض غير المبرر لعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس وتعنته أمام فتح شعبة للدراسات الأمازيغية بهذه الكلية العريقة، رغم الإرادة الملكية الراسخة في إنصاف الأمازيغية وهو ما يتجلى من خلال الخطاب العرش وخطاب أجدير اللذين من أولى عَبْرهما الملك محمد السادس أهمية كبرى للأمازيغية والمصالحة مع هوية وتاريخ هذا البلد، ورغم التوجه العام لحكومات ما بعد 2011 ومن خلالها لوزارة التعليم العالي والابتكار الرامية إلى توسيع قاعدة العرض الجامعي في هذا الباب .
وأبرز أمقران أن رد العميد كان دائما مراوغا تملصيا وغير مسؤول، فتاره يقول إن المسألة تهم عدم إقدام الأساتذة على إعداد ملف في الموضوع وتارة أخرى يقول إن الإقبال ضعيف ومع ذلك يتحجج في كل مره بأصله الأمازيغي وهو ادعاء مرفوض بالجملة لأن الأمازيغية لا تهم الناطقين فقط بل مطلب وحق لجميع المغاربة .
وأورد الناشط الأمازيغي ذاته أن المبررات التي تقدم بها العميد واهية وفارغة، فهي ذاتية أكثر مما هي موضوعية، وكان من الأجدر به أن يكون شجاعا ويتراجع عن قراره غير المسؤول الذي من خلاله تعثر فتح مسلك دراسة الأمازيغية .
وأكد أنه سنظل نناضل ونقاوم هذا الحيف وهذا الإجحاف بالمزيد من التعبئة حتى يتحقق مطلب المغاربة في فتح مسلك لشعبة الأمازيغية بهذه الكلية، وندعوا العميد بكل صدق إلى مراجعة قراره وتمكين الأمازيغية من كراسي كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس .
وأوضح الأكاديمي ذاته، في حديثه معنا، أن المُطالب الأول بإحداث هذه الشعبة هم جموع الطلبة، خاصة أن موقع مكناس يوجد بين الأطلس المتوسط ومنطقه زمور عطفا على كونها قبلة لأبناء الجنوب الشرقي، هذا الموقع الاستراتيجي جعل منه مرسى لعدد كبير من الطلبة الأمازيغ والذين يجدون أنفسهم مضطرين إلى التنقل إلى مدينة فاس أو غيرها لمتابعة الدراسات الأمازيغية .
وتابع لحسن أمقران المُطالب الثاني هو المجتمع المدني من خلال النسيج الجمعوي المهتم بالشأن الأمازيغي الذي يهتم بتوسيع العرض الجامعي والأكاديمي في باب الأمازيغية، وهو ما يفرضه الإقبال الكبير للمؤسسات على اللغة الأمازيغية بعد دسترتها وترسيمها ، مؤكدا أن المُطالب الثالث هو عموم الشعب المغربي الذي يؤمن بتجذره الثقافي والحضاري ويسعى إلى بناء المغرب المتعدد الذي يسع الجميع، لأن الأمازيغية لغة مغربية أصيله ومن حق جميع المغاربة دراستها والبحث فيها وبالتالي تطويرها، ولا يمكن بهذا المنطق أن نستثني أحدا من هذا الشرف شرف المطالبة بإنصاف هذه اللغة التي ظلمها مغرب ما بعد الاستقلال .
بدوره، أكد خالد الوعزاني، أستاذ اللغة الأمازيغية، أن رفض عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة مولاي إسماعيل بمدينة مكناس فتح شعبة لتدريس اللغة الأمازيغية، أمر مثير للجدل ، مشيرا إلى أن هذا الإجراء أثار سلسلة من التساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء هذا الرفض والإقصاء، ودلالاته على المشهد الثقافي والسياسي في البلاد .
وأضاف أستاذ اللغة الأمازيغية قد يكون هناك اعتقاد بأن الموارد البشرية والمادية غير كافية لفتح شعبة جديدة داخل جامعة مولاي إسماعيل بمكناس، إلا أن هناك أساتذة جامعيين أبانوا عن استعدادهم التام للانخراط كمدرسين في هذه الشعبة ، مشيرا إلى أن رفض تدريس الأمازيغية بجامعة مولاي إسماعيل يمثل انتكاسة كبيرة لمسار التنمية الثقافية في المغرب، ويطرح تساؤلات جدية حول مدى التزام الدولة بتطبيق دستورها وحماية التنوع الثقافي بالمغرب .
وسجل المتحدث ذاته، في تصريح لنا ، أن رفض عميد كلية الآداب بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس فتح شعبة الأمازيغية يعتبر تحدياً صريحاً للدستور المغربي الذي يقر باللغة الأمازيغية لغةً رسمية إلى جانب اللغة العربية، ويؤكد ضرورة حماية التراث الثقافي الأمازيغي .
وأشار إلى أن هذا الأمر يؤكد وجود تيار ما يزال متشبثاً بأفكار بالية ضد كل ما هو أمازيغي، كما يعتبر منع تدريس اللغة الأمازيغية عائقاً أمام التنمية الشاملة والمستدامة، حيث إن تعزيز الهوية الأمازيغية يساهم في بناء مجتمع أكثر تماسكاً وتسامحاً ، داعيا السلطات المعنية إلى التدخل لحل هذا الإشكال، وضمان حق جميع المواطنين في التعبير عن هويتهم الثقافية .