كشف ميلود معصيد، نائب الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، في تصريح لجريدة “العمق”، عن تفاصيل المفاوضات التي خاضها الاتحاد مع الحكومة بشأن مشروع قانون يقضي بدمج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (الكنوبس) في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS). وأوضح معصيد مراحل الحوار التي دارت بين الاتحاد والحكومة، مبرزا الأهداف التي سعت المركزية النقابية لتحقيقها لحماية حقوق المنخرطين والمستخدمين في القطاع.
في البداية، أكد معصيد أن الاتحاد المغربي للشغل أصدر بلاغًا تحذيريًا للحكومة، يرفض فيه أي محاولة لتمرير المشروع بشكل متسرع ودون التفاوض مع الأطراف المعنية. وقال: “أصدرنا البلاغ، وكنا واضحين في رفضنا للسرعة في تمرير المشروع، فتمت الاستجابة لنا وتم تأجيل مناقشة المشروع بشكل فوري”. هذا القرار جاء بعد الضغط الذي مارسه الاتحاد لإيقاف تمرير المشروع والاتفاق على ضرورة التشاور بشأنه.
وبعد إيقاف المشروع، تواصلت قيادة الاتحاد مع الحكومة، وبشكل خاص مع رئيس الحكومة، من أجل التوصل إلى اتفاق حول إعادة صياغة مشروع القانون بطريقة تضمن حماية حقوق المنخرطين والمستخدمين. وقال معصيد في هذا الصدد: “طلبنا من رئيس الحكومة العودة إلى طاولة الحوار، وتمكنا من إقناعه بضرورة التفاوض المباشر حول النقاط الأساسية التي تهم جميع الأطراف”.
ومن أبرز القضايا التي تناولها الاتحاد في المفاوضات كان الحفاظ على المكتسبات الاجتماعية التي يتمتع بها المنخرطون في “الكنوبس”. وكان من بين هذه المكتسبات الحق في التعويضات الصحية والعلاجية، حيث شدد معصيد على ضرورة ضمان عدم المساس بهذه الحقوق. وأضاف: “ركزنا في المفاوضات على ضرورة الحفاظ على هذه المكتسبات، خاصة تلك المتعلقة بالتعويضات المرتبطة بالعلاجات الصحية، والتي يجب أن تبقى كما هي دون أي تقليص”.
وفي إطار المفاوضات، كانت قضية الحفاظ على دور التعاضديات المغربية في القطاع الصحي إحدى النقاط الحساسة. وأشار معصيد إلى أن الحكومة كانت تفكر في تقليص أو إعادة هيكلة هذا الدور بشكل قد يضر بنشاط التعاضديات. وذكر معصيد: “كان هناك توجه للإجهاز على دور التعاضديات، ولكننا تمسكنا بقوة بأن تظل هذه التعاضديات تلعب دورا مهما في استقبال ملفات المنخرطين وتقديم الخدمات الصحية لهم. وبفضل موقف الاتحاد، تم الحفاظ على هذا الدور المهم في النظام الصحي”.
وفيما يتعلق بمستقبل المستخدمين في “الكنوبس”، أكد معصيد على أن الاتحاد نجح في ضمان انتقال هؤلاء المستخدمين إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) بشكل سلس ودون الحاجة إلى تقديم طلبات فردية. وأشار إلى أنه تم ضمان الحفاظ على حقوقهم ومكتسباتهم الاجتماعية والوظيفية خلال عملية الانتقال. وقال معصيد: “المستخدمون في “الكنوبس” سيُدمجون بشكل تلقائي في النظام الجديد، مع ضمان الحفاظ على مناصبهم وحقوقهم الوظيفية”.
ومن ضمن ما تناوله معصيد في تصريحه، النقطة المتعلقة بالممتلكات التي تم تمويلها من أموال المنخرطين قبل عام 2005. وأوضح أن الاتحاد تمسك بحماية هذه الممتلكات، حيث تم الاتفاق على أن تظل تحت تصرف “الكنوبس” لضمان حقوق المنخرطين فيها. وأكد معصيد أن الممتلكات التي تم تمويلها بعد عام 2005 ستتم إعادة تحويلها إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وفي سياق متصل، أكد معصيد أن الاتحاد لا يعارض توحيد الصناديق في حد ذاته، ولكنه يرفض أن يتم ذلك على حساب حقوق المنخرطين والمستخدمين في “الكنوبس”. وقال: “نحن مع التوحيد، لكن بشروط، وهي أن يتم ذلك بشكل يضمن الحفاظ على حقوق الموظفين والمنخرطين في “الكنوبس”، الذين يجب أن تكون لهم الأولوية في جميع التعديلات المقترحة”.
في ختام تصريحه، وصف معصيد المفاوضات بأنها انتصار كبير للاتحاد المغربي للشغل ولمنخرطي “الكنوبس”. وأشار إلى أن هذا النجاح كان نتيجة للإصرار والمثابرة التي أظهرها الاتحاد في الدفاع عن حقوق المنخرطين والعاملين في القطاع. وقال: “استطعنا تحقيق انتصار للمغاربة المنخرطين في “الكنوبس”، وحافظنا على حقوقهم الاجتماعية والوظيفية، ونحن مستمرون في مراقبة تنفيذ هذا الاتفاق والتأكد من التزام الحكومة بما تم التوصل إليه في المحاضر الرسمية”.
يذكر أن الحكومة استجابت لطلبات الجمعيات التعاضدية في نسخة محينة من مشروع قانون يقضي بدمج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، تستعد للمصادقة عليه في مجلسها الأسبوعي القادم.
وكانت الحكومة قد أجلت، في شتنبر الماضي، المصادقة على مشروع قانون رقم 54.23 بتغيير القانون رقم 65.00 المتعلق بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض وبسن أحكام خاصة، بعدما أثار انتقادات واسعة.
وفي النسخة الجديدة للمشروع تراجعت الحكومة عن إنهاء التنسيق الإجباري مع الجمعيات التعاضدية فيما يتعلق بالبت في طلبات انخراط المشتغلين وتسجيل الأشخاص وكذا المراقبة الطبية، بعدما اشتكت التعاضديات من “إقصائها”.
كما نصت النسخة الجديدة على استمرار استفادة مؤمني الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي وذوي الحقوق، في إطار الثالث المؤدى، من الخدمات التي تقدمها الجمعيات التعاضدية برسم التأمين الإجباري عن المرض وذلك من خلال اتفاقية تبرم لهذه الغاية، بين الصندوق الوطني للضمان الاجتماعية والتعاضدية.