recent
آخر المواضيع

خطة “Tarl” في المدرسة الرائدة

 
جاء مشروع المدرسة الرائدة تجسيدا لأهم بنود خارطة الطريق 2022-2026. ولتجاوز إشكالية ضعف تحكم المتعلمين في بعض المجالات المعرفية والمهارية، والرفع من جودة التعلمات الأساس. وقد ارتكز المشروع على استثمار الطرائق والمقاربات البيداغوجية، والوسائل الديداكتيكية الحديثة. وعلى هذا الأساس انطلق العمل في السنة الفارطة وانطلق معه الحلم بتوفير مدرسة حديثة تواكب التطور العالمي الحاصل بشكل عام. وفي أفق تعميم المشروع على كل المؤسسات لا بد أن يوازي هذا الأمر نقاش يضع مدرسة الريادة في الميزان، خصوصا أننا في الموسم الثاني لها. ولذا يمكن إنشاء تقييم عام. لكننا هنا سنركز على ما يخص التعلمات التي اعتُمِدت فيها مقاربة التدريس وفق المستوى المناسب (TARL).

إن المأمول من هذه المقاربة رفع مستوى التحصيل الدراسي لدى المتعلمين خصوصا مواد اللغة العربية واللغة الفرنسية والرياضيات. وتطوير قدرات المتعلمين في مجالات أضحت ضرورية لمواكبة متطلبات العصر. كالتفكير النقدي وحل المشكلات والابتكار والتواصل الفعال واستخدام التكنولوجيا والعمل جماعيا وغيرها. وبناء على ذلك ينبغي أن يكون التعليم فعالا لكون المتعلم عنصرا يشارك في بناء معرفته وليس عنصرا سلبيا يستهلك وحسب. ولهذا سعت خطة التدريس حسب المستوى المناسب المختصرة فرنسيا بـ”tarl”، إلى الرقي بالتعلم من خلال تفييء المتعلمين حسب درجة تحكمهم في المعارف والمهارات المستهدفة بعد التشخيص. وبعد ذلك يتم التعليم اعتمادا على التفييء السابق ثم التشخيص. وهكذا يُبنى التعلم على أساس متين يتجاوز مشكل ضعف التحكم في الأساسيات التي كان يُشتكى منه في السابق قبل تطبيق خطة (طارل). إلا أن الخطة عمل ومنهج من البديهي أن يثار حوله نقاش، معه أو ضده كأي منهج يظهر للعلن. ولهذا نرى أن نعرض هنا منظورين متباينين في التقييم مع مبررات كل منهما:

المنظور الأول: يرى أن التدريس وفق المستوى المناسب هو الحل والأسلوب الذي كان ينبغي العمل به منذ مدة. فقد كانت المدرسة العمومية دوما في مرمى الانتقاد. فتُتهم بأنها تُنتج خريجين كثر لهم ضعف ملموس في القراءة وفي الحساب. والذي يعني ضعفهم في المواد اللغوية، وخصوصا منها العربية والفرنسية. فاللغة تبنى بشكل تراكمي، وبشكل يفرض تعلم واستيعاب معطى قبل تعلم معطى آخر، وإلا ستبقى لدى المتعلم ثغرة معرفية لن يمكن علاجها بسهولة مستقبلا في مراحل أخرى، إذا تم تجاوزها دون علاج بالتشخيص والدعم. فتعلم الحروف مثلا يسبق تعلم المقاطع الصوتية. وتعلم المقاطع يسبق تعلم الكلمات وهكذا. إذن لا ينبغي أن يُسمح بانتقال المتعلم من مرحلة تعلمية إلى مرحلة أخرى إلا بعد أن يكون لديه مستوى كاف من التحكم في المعارف المستهدفة. لأن ضعف المستوى في اللغة ينجم عنه ضعف في استيعاب معارف المواد الأخرى غير اللغوية. والأمر نفسه ينطبق على الرياضيات. هي تتطلب أيضا ألا ينتقل المتعلم من مرحلة إلى أخرى إلا بعد التحكم في المعارف الأولى وإلا ستتراكم الثغرات المعرفية في مادة الرياضيات بشكل سيؤثر تلقائيا بشكل سلبي على المواد المرتبطة بها كالفيزياء وغيرها. إذن فتشخيص المستوى سيحدد فئة المتعلمين المتحكمة في المعارف المستهدفة التي يكون سيرها التعلمي سليما، ويحدد الفئة أو الفئات المتعثرة التي ينبغي دعمها. وهذا هو السبيل العملي الناجع الذي يوفر حلا جذريا لمعالجة أعطاب التعلم في المدرسة العمومية.

المنظور الثاني: يتهم الخطة بأنها وإن كانت تعالج مشكل فئة المتعثرين، إلا أنها تَحُد من التطور المستمر لمستوى الفئة المتحكمة. فالاطمئنان لوضع هذه الفئة يجعلها ضحية لاستئثار الفئة غير المتحكمة بالاهتمام. لأن مواصلة العمل معها مرهون بالانتهاء من العمل مع الفئة غير المتحكمة في دعمها لتواكبها. ولذا يرى أصحاب هذا المنظور أنه يتم بسبب خطة التدريس وفق المستوى المناسب كبح جماح الفئة المتحكمة، وكبح قدرتها على الاستمرار في تطوير مستواها.

وفي الأخير نقول إن هذا النقاش في الحقيقة أمر سليم. فلن يكون هناك إجماع بمائة في المائة على أي مشروع، ومنه مشروع التدريس بالطريقة موضوع كلامنا خصوصا أنه في بداية التجريب، ولم يصل بعد زمن سريانها إلى القدر الذي يمكننا من إقرار تصور نهائي حولها. ثم إن أي مشروع يتم تفعيله يبقى قابلا للتطوير والتحسين إذا افترضنا رصد ما يشوبه. وهذا أمر بديهي ومعمول به.

google-playkhamsatmostaqltradent