recent
آخر المواضيع

حرب السودان تحرم 157 ألف طالب من امتحانات الشهادة الثانوية وسط قلق من الانقسام

 
في ظل استمرار الصراع الدامي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، انطلقت امتحانات الشهادة الثانوية السودانية يوم السبت 28 ديسمبر 2024 في بعض المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش، بينما حرم نحو 157 ألف طالب وطالبة من أداء الامتحانات في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع. ويأتي ذلك في وقت حساس مع اقتراب نهاية العام، مما يزيد من المخاوف بشأن تأثيرات هذه الحرب على العملية التعليمية في البلاد

الطالبة رشاء محمد، التي كانت تأمل في اجتياز امتحانات الشهادة الثانوية بعد أكثر من عام ونصف من الانتظار، حُرمت من فرصة التقديم بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي حالت دون تمكينها من السفر إلى ولاية مجاورة تحت سيطرة الجيش. وقالت رشاء لـ الشرق الأوسط : انتظرت هذه الفرصة طويلاً لأكمل دراستي وأدخل الجامعة، لكنني وجدت نفسي عالقة في بلدتي الصغيرة في ولاية الجزيرة، حيث تحاصرني قوات الدعم السريع، ولا أستطيع الوصول إلى مكان آمن لإجراء الامتحانات. هل وجودي في هذا المكان ذنبي حتى أُحرم من الامتحانات؟

وفقًا لوزارة التربية والتعليم السودانية، كان من المقرر أن يتقدم أكثر من 343 ألف طالب وطالبة لأداء الامتحانات المؤجلة من العام 2023، وهو ما يمثل حوالي 70% من إجمالي الطلاب المسجلين البالغ عددهم نحو 500 ألف. ومع ذلك، فإن هذا العدد قد يتقلص بشكل كبير بسبب سقوط أرقام جلوس العديد من الطلاب، وتأجيل الامتحانات في ولايتي جنوب وغرب كردفان، اللتين تشهدان مواجهات عنيفة بين الأطراف المتصارعة. كما أن آلاف الطلاب في مناطق أخرى لم يتمكنوا من الحصول على أرقام جلوس بسبب انقطاع التواصل أو تهديدات أمنية.

النقابة المستقلة للمعلمين انتقدت بشدة قرار الحكومة السودانية بإجراء الامتحانات في هذا التوقيت، معتبرة أن هذا القرار يحمل دوافع سياسية تهدف إلى تثبيت واقع الحرب وتقسيم البلاد. وقال المتحدث باسم النقابة، سامي الباقر، إن الإصرار على إجراء الامتحانات في ظل هذه الظروف السيئة، وما صاحبها من سوء تنظيم، أفقد أكثر من 60% من الطلاب حقهم في أداء الامتحانات . وأضاف أن الهدف من هذه الخطوة هو ترسيخ واقع الحرب في البلاد وتعميق الانقسام بين المناطق التي تسيطر عليها الأطراف المتنازعة .

الباقر أشار أيضًا إلى أن النقابة تقدمت بمقترحات إلى الحكومة السودانية لإجراء امتحانات شاملة وعادلة بالتنسيق مع المنظمات الدولية، بحيث يتم التزام طرفي النزاع بوقف إطلاق النار وفتح ممرات آمنة لتمكين جميع الطلاب من أداء الامتحانات في مختلف أنحاء البلاد. لكن الحكومة، بحسب النقابة، لم تستجب لهذه الدعوات.

إحصائيات نقابة المعلمين تكشف أن عشرات الآلاف من الطلاب في مناطق دارفور وكردفان الكبرى، وكذلك في بعض مناطق العاصمة الخرطوم، حرموا من أداء الامتحانات بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة. كما تم منع نحو 13 ألف طالب وطالبة من إقليم دارفور المجاور لتشاد من إجراء الامتحانات على الأراضي التشادية، حيث كانت السلطات التشادية قد رفضت إقامة الامتحانات على أراضيها.

رغم المخاوف الأمنية، أكدت وزارة التربية والتعليم السودانية اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان سلامة المراكز الامتحانية في المناطق الآمنة. ووفقًا للوزارة، سيتم إجراء الامتحانات في الولايات التي تسيطر عليها القوات الحكومية، مثل الشمالية ونهر النيل والقضارف وكسلا وشمال كردفان. كما قال وزير التربية والتعليم المكلف في ولاية الخرطوم، قريب الله محمد، إن جميع الطلاب الذين أرادوا أداء الامتحانات تم منحهم أرقام جلوس، وجميع الاستعدادات قد اكتملت لاستقبالهم في مراكز الامتحانات .

رغم هذه الاستعدادات، ما زالت هناك دعوات واسعة في الأوساط السودانية لتأجيل الامتحانات إلى وقت لاحق من العام المقبل، بسبب استمرار الحرب وعدم وجود اتفاق بين الأطراف المتنازعة على تهدئة الأوضاع. ويشير الخبراء إلى أن استمرار الحرب سيؤدي إلى مزيد من تعطيل العملية التعليمية في البلاد، في وقت يعاني فيه الطلاب من تداعيات النزاع المستمر.

منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، توقفت العملية التعليمية تمامًا في المناطق التي تشهد صراعًا مستمرًا، بينما استؤنفت في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. وتقدر منظمة رعاية الطفولة (اليونيسيف) أن الحرب في السودان قد منعت نحو 12 مليون طفل سوداني من مواصلة تعليمهم، مما يزيد من تعقيد الوضع التعليمي في البلاد.

إن الوضع الحالي يضع الطلاب السودانيين أمام تحديات كبيرة، حيث تتزايد المخاوف من أن يؤدي هذا الوضع إلى فقدان جيل كامل من الفرص التعليمية بسبب الحرب المستمرة، وهو ما سيؤثر سلبًا على مستقبل البلاد.

google-playkhamsatmostaqltradent