recent
آخر المواضيع

تقييم التلاميذ في الرياضيات والعلوم يُنبِّه إلى تراجع المغرب في التصنيف ب20 سنة

 

بعدما عرىَّ تقويم Timss واقع تعلمات التلاميذ في الرياضيات والمواد العلمية، حذَّر خبراء في مجال التربية والتعليم من تراجع مستوى التلاميذ في المستويين الابتدائي والإعدادي في هذه المواد بقرابة عقدين (20 سنة) إلى الخلف، معتبرين أن انتهاج سياسة الانتقال من الابتدائي إلى الإعدادي دون استحقاق النجاح وضعف مستوى المدرسين لهذه التخصصات من بين أبرز عوامل هذه التراجعات وإشكالية لغة التدريس من بين أهم عوامل هذا التراجع.

وإذا كانت نتائج البحث الدولي للتوجهات في الرياضيات والعلوم قد كشفت أن المعدل الوطني العام في الرياضيات بالابتدائي قد انتقل من 384 إلى 393 نقطة بزيادة 9 نقط، فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة لتلاميذ السلك الإعدادي الذي انخفض فيه المعدل الوطني العام في الرياضيات من 388 إلى 378 نقطة أي بتراجع يقدر بـ10 نقاط نفس التراجع لوحظ على مستوى المعدل الوطني في العلوم الذي انتقل من 395 إلى 327، أي بانخفاض بلغ 68 نقطة.

وتراهن وزارة التربية الوطنية على تعزيز البرامج التعليمية وطرق التدريس وتقوية المهارات العلمية لدى التلاميذ وتحقيق مستويات أعلى في التقييمات المستقبلية من خلال توسيع نموذج مدارس الريادة بالسلك الابتدائي على مستوى 2626 مدرسة ابتدائية و232 ثانوية إعدادية مع بداية الموسم الدراسي الحالي 2025/2024.

أسوء تقييم خلال 20 سنة

عبد الناصر الناجي، خبير في مجال التربية والتعليم، قال إن المغرب وإن حافظ على تذيله للترتيب العام إما باحتلاله للمرتبة الأخيرة أو ما قبلها برتبتين حسب المادة الدراسية المعنية أو المستوى الدراسي فإن ما يخيف في نتائج هذه السنة هو تراجع المغرب بـ68 نقطة في تقييم العلوم للمستوى الثاني إعدادي ، معتبراً أنها أسوأ نتيجة يحصل عليها التلامذة المغاربة منذ أكثر من عشرين عاما .

وأضاف الناجي، في تصريح لجريدة مدار21 الالكترونية، أن هذه النتائج أعادتنا إلى نقطة الانطلاق في هذا التقييم الدولي بحيث حصلنا على نفس النتيجة التي حصلنا عليها في أول مشاركة لنار في بداية الألفية الثالثة .

وسجل المتحدث ذاته أن الأكثر إثارةً للقلق هو نسبة التلامذة المتحكمين في الحد الأدنى للكفايات في العلوم التي تراجعت في الإعدادي من 48 في المائة إلى 18 في المائة فقط ، مؤكدا أنها أقل نسبة مسجلة بين الدول المشاركة وأضعفها على الإطلاق في المشاركات المغربية السابقة والتي تعني ببساطة أن 82 بالمائة من التلامذة المغاربة لا يتملكون الحد الأدنى للتعلمات في العلوم .

واعتبر الخبير التربوي أن الذي يبعث على القليل من الأمل في هذه النتائج هو تقييم تلاميذ التعليم الابتدائي الذي سجل بعض التقدم تراوح بين 10 نقط و16 نقطة في النتائج المحصل عليها من طرف التلامذة المغاربة مع تسجيل بعض التقدم أيضا في نسبة المتحكمين في الحد الأدنى للكفايات ليصل إلى 46 في المائة في الرياضيات و47 في المائة في العلوم .

واستدرك المتحدث ذاته أن هذا التقدم الطفيف لم يمنع من تذيل المغرب للترتيب العام متقدما على دولتين فقط ، مبرزا أن الذي يفسر هذه المرتبة المتأخرة على الرغم من التقدم الضعيف في الترتيب هو ما حققته الدول القريبة من المغرب من تقدم في نفس مستواه أو أفضل منه .

وعن أسباب هذا التراجع الكبير في مستوى تلاميذ السلك الإعدادي، أورد الخبير التربوي أنه يرجع إلى عدة أسباب من بينها عدم تمكن المنظومة التربوية من تدارك الخصاص الكبير في التعلمات الذي عانى منه المتعلمون إبان جائحة كوفيد19 وانتهاج سياسة الانتقال من الابتدائي إلى الإعدادي دون استحقاق النجاح خاصة مع تراكم التعثرات الدراسية من مستوى دراسي إلى آخر .

وفي ما يخص علاقة المدرسين بهذا الترتيب المحتشم ، لفت الناجي إلى ضعف تكوين الأساتذة في المواد العلمية الذي تفاقم مع سياسة التوظيف بالتعاقد التي راهنت على الكم دون الاهتمام كثيرا بجودة المدخلات خاصة مع ضعف عدد الحاصلين على الإجازة في التربية من جهة وضعف التكوين الجامعي في هذه التخصصات من جهة ثانية .

واعتبر الخبير التربوي أن مراجعة المنهاج الدراسي الوطني أصبح مطلبا ملحاً أكثر من أي وقت مضى لينسجم أكثر مع مضامين المنهاج الذي يمتحن فيه التلامذة في هذا التقييم الدولي ، مُذكراً بـ عدم كفاية المختبرات العلمية أو ضعف تجهيزها عند توفرها .

وعن علاقة لغة التدريس بهذه الأعطاب التعلمية، سجل الناجي أن تبني تدريس العلوم بالفرنسية في الإعدادي من بين العوامل التي أدت إلى هذا التدهور الكبير في مستوى التلامذة المغاربة خاصة إذا علمنا الضعف الشديد للمتعلمين في اللغة الفرنسية مما يؤثر على فهمهم للمواد التي تدرس بهذه اللغة .

هروب من واقع الحال

من جانبه، أكد الخبير في السياسات التربوية، الحسين زاهدي، أن التفسير الذي قدمته الوزارة لنتائج التلاميذ في تقويم Timss فيه كثير من الاختزال والتبسيط والهروب من واقع الحال ، معتبرا أنه لا يسمح بالمواجهة الجريئة والجادة لهذه المعضلة .

وبيَّن زاهدي، في تصريح لجريدة مدار21 الالكترونية، أن الانخراط في هذا الصنف من التقويمات هو خطوة إيجابية لابد من تشجيعها لما توفره للفاعل الحكومي من معطيات تسمح له بامتلاك رؤية علمية موضوعية لمشكلات التحصيل الدراسي في الرياضيات والعلوم وبناء تصورات جديدة حول الصيغ التعليمية .

وللاستفادة من نتائج هذا التقييم، اعتبر الخبير التربوي أنه لابد من استحضار جميع البيانات السياقية لتعلم الرياضيات والعلوم كما تعتمدها الجهة الدولية المنظمة له وهي البيئة الصفية والبيئة المدرسية والبيئة المنزلية والوعي البيئي بالإضافة إلى تجارب التلاميذ ومواقفهم .

وتابع الخبير ذاته أن استحضار هذه السياقات هو ما يمنحنا الفهم الشامل والعلمي للنتائج التي تحصل عليها المغرب وليس الاختزال وزعم أن عدم استئناس التلاميذ بالحاسوب هو السبب الحاسم في تراجع النتائج .

فعلى سبيل المثال، يضيف الخبير في السياسات التربوية، أنه لمستوى فقر أو ثراء المدرسة بحسب Timss أثر مباشر في نتائج التلاميذ في الرياضيات والعلوم ونفس الشيء بالنسبة لمعدلات التغيب عن الدراسة .


google-playkhamsatmostaqltradent