بعدما تم تمريره بمجلس النواب، من المرتقب أن يدخل مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد كيفيات وشروط ممارسة الحق في الإضراب نفقا جديدا، إذ تُرتقب إحالته على مجلس المستشارين من أجل إعادة النظر فيه وتقديم مقترحات تعديلات على مواده.
ومن المنتظر أن تعرف مناقشة مشروع القانون التنظيمي ذاته على مستوى الغرفة الثانية نقاشا محتدما، على اعتبار أن الأخيرة تضم ممثلين عن المركزيات النقابية، فضلا عن ممثلين عن أرباب العمل والمقاولات، بما ينذر بنقاش داخلي ساخن يمكن أن ينتهي بإعادة النظر في مجموعة من المواد التي تضمها مسودة القانون التنظيمي ذاته، كما صادق عليه مجلس النواب، الثلاثاء الماضي، بموافقة الأغلبية ورفض المعارضة.
ويشير مستشارون برلمانيون إلى أن “إحالة هذا المشروع على الغرفة الثانية من البرلمان ستكون فرصة، خصوصا للنقابات، من أجل الترافع عن الحق في الإضراب الذي يشير إليه الفصل 29 من دستور المملكة”، مؤكدين استعدادهم لـ”الترافع وتقديم مقترحات لتعديل مجموعة من المواد، بما فيها التي تخص مساطر الإشعار بالشروع في ممارسة هذا الحق، إلى جانب الغرامات التي تهم كلا من النقابيين وأرباب العمل كذلك”، مع إشارتهم إلى “تقاطب مرتقب مع ممثلي الباطرونا والجانب الحكومي كذلك”.
حق دستوري
لحسن نزيهي، منسق مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمجلس المستشارين، شدد بداية على أن “الصحيح كان هو التزام الحكومة باتفاق أبريل 2022 وطرح مشروع القانون التنظيمي للإضراب على مستوى جلسات الحوار الاجتماعي التي تجمعها بالنقابات وأرباب العمل؛ وعدمُ سلكها هذا الطريق يؤكد أن مناقشة هذا القانون لن تتم في جو سليم”.
وقال نزيهي، في تصريح لهسبريس، إنه “يُرتقب أن يعرف مشروع القانون التنظيمي ذاته نقاشا حادا على مستوى مجلس المستشارين، بالنظر إلى وجود ممثلي النقابات وأرباب العمل كذلك”، متابعا: “هناك عدد من النقاط التي سنحاول الترافع بخصوصها، وتتضمنها المسودة كما وافق عليها مجلس النواب، على أساس السعي إلى تعديلها”.
وبيّن المتحدث ذاته أنه “من المفروض علينا إعادة النظر في مواد مختلفة، لاسيما التي تخص إشعار الشغيلة بعزمها تنفيذ الإضراب عن العمل، إذ إن المدة المقترحة تُفقد الإضراب معناه وتُضيّق على ممارسة العمال والموظفين كذلك حقهم المنصوص عليه في الفصل 29 من دستور المملكة، كما أنها تبقى في صالح أرباب العمل”.
وأفاد منسق مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمجلس المستشارين: “من المرتقب طرح مقترحات للتعديل تهم هذه المسألة، على اعتبار أن التجارب الدولية لا تسير في هذا المنحى الذي يدعم جعل العامل يفقد حقه الدستوري في الإضراب”، موضحا أنه “سيتم العمل على التقدم بمقترحات لتعديل المواد التي تهم الغرامات كذلك، مادام أنها في حاجة إلى تقييمات”.
مفصلا في هذه النقطة قال نزيهي للجريدة: “الغرامات المقررة في حق العمال مبالغ فيها، فكيف لعامل يدافع عن حقه في زيادة بسيطة في الأجر أن يؤدي غرامة تتراوح بين 5 آلاف و10 آلاف درهم؟ ونحن كنقابيين نتمسك بكون الغرامات المقررة في حق المقاولات وأرباب العمل تبقى بسيطة، إذ ستجعل هذه الأخيرة تؤديها بشكل عادي، وبدون أن تشكل لها عائقا أو رادعا. سنترافع إذن من أجل تعديل هذه المواد!”.
مواد للتعديل
يوسف آيدي، رئيس الفريق الاشتراكي ـ المعارضة الاتحادية بمجلس المستشارين الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، قال إن “مواكبتنا هذا الملف يحكمها منطلقان: الأول يتعلق بضرورة حماية الحق الدستوري في الإضراب، والثاني بكون البلاد بحاجة إلى قانون للإضراب من أجل إنهاء حالة الفوضى واللاقانون”.
ولدى حديثه لهسبريس بخصوص الموضوع أوضح آيدي أن “تأطير الحكومة مسألة النقاش حول مشروع القانون التنظيمي بتحديد كيفيات وشروط ممارسة الحق في الإضراب خلق تشنجا لم نكن بحاجة إليه، في وقت أبت إلا أن تدافع وبشدة عن هذا المشروع الذي وضعته حكومة العدالة والتنمية، وهي التي عادة ما ترفض كل سياساتها”.
وأظهر المتحدث نوعا من الشغف حيال وعد إحالة هذا المشروع على الغرفة الثانية للبرلمان، إذ قال: “سنكون في الموعد وحريصين على الدفاع عن الحق في الإضراب وممارسته بدون تعقيدات شكلية ومكبّلة له؛ فعلى العموم صارت الشغيلة بالقطاع العام هي التي تمارس هذا الحق لوحدها، في حين أن شغيلة القطاع الخاص تتعرض للضغوطات عند افتتاح مكتب نقابي فقط، بمعنى أن موادا تبقى مرفوضة ولا يجب السماح بتمريرها”.
وواجهت هسبريس المتحدث ذاته بالمواد التي تشير إلى حماية الأجير خلال الإضراب، غير أنه أصر على أن “القانون المرتقب لا يعالج هذه الأمور، بل يعطي إمكانيات لأرباب العمل من أجل التضييق على ممارسة هذا الحق”، مشددا على أن “الشكليات والآجال الخاصة بالإشعار بنية خوض الإضراب ستجعل أجراء القطاع الخاص أمام إشكاليات الغرامات، فيما فئات مهنية يصعب أن تلتزم بهذه المساطر المعقدة”، وزاد: “سيكون الحرص كذلك على تقليص الآجال التي تتضمنها بعض المواد، إن لم ننجح في إلغائها، وسنحاول حماية العمال. أما بخصوص الغرامات فتسير في الاتجاه نفسه وتساهم في التضييق على مُمارسي هذا الحق الدستوري”، مع تأكيده في الأخير على أن “إحالة مشروع هذا القانون التنظيمي على المجلس عمّا قريب تنذر بنقاشات حادة ستكون أميل إلى حماية الشغيلة المغربية من جهتنا كمعارضة ونقابيين”.