أظهر مؤشر تيمس لسنة 2023، الذي تصدره الجمعية الدولية لتقييم التحصيل التربوي IEA ، تذيل تلاميذ المغرب في المستويين، الرابع ابتدائي، والثاني إعدادي، الترتيب العالمي في الرياضيات والعلوم، مسجلين نقاطا أقل بكثير من المعدل الدولي.
الأسوأ منذ أكثر من عشرين عاما
وفي تعليقه على الموضوع، قال عبد الناصر الناجي، الخبير التربوي، إن المغرب إذا كان قد حافظ على تذيله للترتيب العام، إما باحتلاله للمرتبة الأخيرة، أو ما قبلها برتبتين، حسب المادة الدراسية المعنية، أو المستوى الدراسي، فإن ما يخيف حقا في نتائج هذه السنة، هو تراجع المغرب بـ67 نقطة في تقييم العلوم للمستوى الثاني إعدادي .
وأضاف الناجي، في تصريح لـ بلادنا24 ، أن هذه النتيجة، هي أسوأ نتيجة يحصل عليها التلامذة المغاربة منذ أكثر من عشرين عاما . مؤكدا أنها أعادت المغرب إلى نقطة الانطلاق في هذا التقييم الدولي، بحيث حصل على نفس النتيجة التي حصل عليها في أول مشاركة له في بداية الألفية الثالثة .
وأبرز أن الأكثر إثارة للقلق، فهي نسبة التلامذة المتحكمين في الحد الأدنى للكفايات في العلوم التي تراجعت في الإعدادي من 48 في المائة إلى 18 في المائة فقط .
وفي هذا السياق، أكد المتحدث، أن هذه النسبة أقل نسبة مسجلة بين الدول المشاركة، وأضعفها على الإطلاق في المشاركات المغربية السابقة، والتي تعني أن 82 بالمائة من التلامذة المغاربة لا يتملكون الحد الأدنى للتعلمات في العلوم .
كما أشار إلى أن هناك بعض التقدم في التعليم الابتدائي، يتراوح بين 10 نقط و16 نقطة في النتائج المحصل عليها من طرف التلامذة المغاربة، مع تسجيل بعض التقدم أيضا في نسبة المتحكمين في الحد الأدنى للكفايات، ليصل إلى 46 في المائة في الرياضيات، و47 في المائة في العلوم .
هذا التقدم الطفيف، يضيف الخبير التربوي، لم يمنع من تذيل المغرب للترتيب العام، متقدما على دولتين فقط، بحكم أن الدول القريبة منه حققت تقدما مثله، أو أفضل منه .
تغيير مسار الإصلاح ليعود إلى سكته الصحيحة
وفي حديثه عن أسباب هذا التراجع، ربطها عبد الناصر الناجي، بـ عدم تمكن المنظومة التربوية من تدارك الخصاص الكبير في التعلمات الذي عانى منه المتعلمون إبان جائحة كوفيد 19، وانتهاج سياسة الانتقال من الابتدائي إلى الإعدادي، دون استحقاق النجاح، خاصة مع تراكم التعثرات الدراسية من مستوى دراسي إلى آخر .
وذكر الخبير، أيضا، ضعف تكوين المدرسين في المواد العلمية الذي تفاقم مع سياسة التوظيف بالتعاقد التي راهنت على الكم، دون الاهتمام كثيرا بجودة المدخلات، خاصة مع ضعف عدد الحاصلين على الإجازة في التربية من جهة، وضعف التكوين الجامعي في هذه التخصصات .
واعتبر أن مراجعة المنهاج الدراسي الوطني، لينسجم أكثر مع مضامين المنهاج الذي يمتحن فيه التلامذة في هذا التقييم الدولي، أصبحت ضرورة ملحة . لافتا إلى عدم كفاية المختبرات العلمية، أو ضعف تجهيزها، عند توفرها .
وفي معرض تصريحه، أفاد الناجي، بأن تبني تدريس العلوم بالفرنسية في الإعدادي، يبقى من بين العوامل التي أدت إلى هذا التدهور الكبير في مستوى التلامذة المغاربة، في ظل الضعف الشديد للمتعلمين في اللغة الفرنسية، مما يؤثر على فهمهم للمواد التي تدرس بهذه اللغة .
وختم الخبير التربوي، تصريحه، بالقول إن كل ذلك يدق ناقوس الخطر، لتغيير مسار الإصلاح، ليعود إلى سكته الصحيحة، التي رسمتها الرؤية الاستراتيجية 2030، ومنحها إلزامية التطبيق القانون الإطار 51.17، لكن خارطة الطريق رسمت مسارا آخر أصبحت جدواه محط تساؤلات عديدة .