انتقد المجلس الأعلى للحسابات تأخر دمج التعليم الأولي العمومي في سلك التعليم الابتدائي، مبرزا أن الاعتماد على الجمعيات في هذا الورش قد يُؤثر على استدامة التعليم الأولي على المديين المتوسط والبعيد ولا سيما مع الارتفاع الكبير لأعداد المربيين والمربيات.
تقرير مجلس العدوي السنوي برسم سنة 2023/ 2024 أكد أنه لم يتم دمج التعليم الأولي في التعليم الابتدائي كما هو منصوص عليه في الميثاق الوطني للتربية والتكوين والرؤية الاستراتيجية 2030-2015، وكذا في البرنامج الوطني لتعميم وتطوير التعليم الأولي ، مشيرا إلى أن الوزارة اكتفت بصفة خاصة بالدمج البيداغوجي اعتبارا لاختيارها طريقة التسيير غير المباشر للتعليم الأولي العمومي .
بالإضافة إلى ذلك، سجل التقرير اختيار الوزارة اللجوء إلى تكليف بعض الجمعيات بتسيير الأقسام، معتبرا أنه وإن كانت هذه الوسيلة في التسيير تحمل مجموعة من المزايا، خاصة على الصعيد الميزانياتي، إلا أنها قد تنطوي على مخاطر من شأنها أن تؤثر على استدامة التعليم الأولي على المديين المتوسط والبعيد ولا سيما مع الارتفاع الكبير لأعداد المربيين والمربيات.
وفي ما يتعلق بالبنية التحتية والتجهيزات وتكوين الموارد البشرية المخصصة للتعليم الأولي، وقف المجلس على حالات لعدم الالتزام بمعايير إحداث الوحدات ونقص المعدات، بالإضافة إلى عدم الاستثمار الأمثل في تكوين المربيات والمربيين على الرغم من الجهود التي بذلتها الوزارة على المستويين البيداغوجي والمادي لتوفير التكوين المناسب لهم.
وسعيا منه لتطوير قطاع التعليم الأولي، أوصى المجلس بتحسين عملية التخطيط الاستراتيجي المتعلق بالتعليم الأولي، وخاصة من خلال الحرص على مواءمة استراتيجيات الوزارة في هذا المجال مع الرؤية والأهداف التي نص عليها الميثاق الوطني للتربية والتكوين ورؤية 2015-2030 وتحيين تشخيص وضعية التعليم الأولي مع الحرص على اعتماد معطيات دقيقة وموثوقة.
وضمن التوصيات التي أوردها التقرير إجراء تحسينات على عناصر ومكونات البرنامج الوطني لتعميم وتطوير التعليم الأولي، بما في ذلك ترجمة أهداف البرنامج المتعلقة بإعادة تأهيل التعليم الأولي غير المهيكل وتطوير التعليم الأولي الخاص، إلى إجراءات وتدابير عملية ومحددة وقابلة للقياس وملائمة للمجال الترابي، إضافة إلى اعتماد وتنفيذ حلول بديلة لعقلنة وترشيد استخدام حجرات التعليم الأولي التي تم إنشاؤها بغية تدارك ضعف استغلال البعض منها.
وبخصوص حكامة وتدبير قطاع التعليم الأولي العمومي، دعا المجلس إلى وضع التدابير اللازمة لضمان الاستدامة البيداغوجية والإدارية والمالية والعمل على ملاءمة اتفاقيات الإسناد المباشر للأقسام مع المقتضيات التنظيمية المعمول بها، والحرص على الدمج الشامل للتعليم.
واعتبر مراقبو مجلس الحسابات أن استراتيجيات وبرامج الوزارة في ما يتعلق بالتعليم الأولي توفر رؤية واضحة لكن دون ترجمتها بشكل كاف على مستوى هذه الاستراتيجيات.، معتبرين أن برامج الوزارة لم تعكس بوضوح كاف في ما يتعلق بالتعليم الأولي، أهداف الميثاق الوطني للتربية والتكوين والرؤية الاستراتيجية 2015-2030، مما نتج عنه عدم بلوغ الأهداف المسطرة في هاتين الوثيقتين، سواء بالنسبة للأهداف المتعلقة بدمج التعليم الأولي في التعليم الابتدائي، أو إضفاء الطابع الإلزامي على هذه المرحلة من التعليم، أو تطوير العرض التربوي المقدم من طرف القطاع الخاص. كما لم تحظ برامج واستراتيجيات التعليم الأولي بتتبع وقيادة ملائمين أثناء تنفيذها.
وأوردت الخلاصات ذاتها أنه تم الاقتصار على تحقيق هدف تعميم التعليم الأولي على توسيع العرض التربوي العمومي، دون إشراك القطاع الخاص في مختلف البرامج والاستراتيجيات التي همت التعليم الأولي، ودون اتخاذ إجراءات لتشجيع هذا القطاع على الانخراط في تطوير عرضه التربوي.
وبخصوص إعداد وتنزيل البرنامج الوطني لتعميم وتطوير التعليم الأولي 2018-2028، لفت التقرير إلى أنه تم تحقيق البرنامج لنتائج مشجعة في ما يخص تعميم التعليم الأولي مقارنة بالأهداف المسطرة في هذا المجال، إلا أنه ركز حصريا على تطوير العرض التربوي العمومي، من خلال وضع برنامج لبناء وتجهيز حجرات الدراسة، ولم يأخذ بعين الاعتبار كل الأهداف الأخرى التي نصت عليها الرؤية الاستراتيجية.