فتح وقوف المجلس الأعلى للحسابات على اختلالات برامج وكالة محاربة الأمية نقاش أسباب محدودية أثر جهود القطاعات المعنية في تقليص نسبة الأمية واتساع دائرة المنقطعين دون مواكبة أو تتبع.
ورغم المجهودات المبذولة، اعتبر مجلس العدوي ، في تقريره السنوي، أنه ما زالت نسبة الأمية مرتفعة لدى المواطنين الذين تفوق أعمارهم 15 سنة، موردةً وصول عددهم لما يزيد عن 9 ملايين و240 ألف شخص خلال سنة 2021، أي ما يعادل نسبة أمية تناهز 34.2 في المئة مقابل 47.7 في المئة سنة 2004.
وليست وزارة التربية الوطنية هي وحدها القطاع الوصي على تدبير ورش محاربة الأمية بالمغرب، بل تتداخل في تنزيل برامج الوكالة الوطنية عدد من القطاعات الأخرى وعلى رأسها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ما يزيد من الحاجة إلى ضمان التقائية البرامج.
خالد الصمدي، عضو سابق بمجلس إدارة الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، قال إن فشل برامج الحكومات في محاربة الأمية كما سجل ذلك المجلس الأعلى للحسابات مرتبط أساساً بضعف الحكامة والتنسيق في تنزيل برامج الاستراتيجية الوطنية ، مبرزا أنه رغم إخراج الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية إلى الوجود من أجل هذا الغرض إلا أنها فشلت، إلى اليوم، في ضمان التقائية برامج القطاعات المتدخلة في هذا الورش .
وأورد الصمدي، في حديثه مع جريدة مدار21 الإلكترونية، أن هذه الالتقائية والتنسيق موجودة على المستوى النظري من خلال الاستراتيجية الوطنية ، مستدركاً أن المشكل الأساسي يكمن في تنزيل وتنفيذ مضامين هذه الاستراتيجية .
ولأن إنجاح ورش محاربة الأمية رهين بتدخل عدد من القطاعات، انتقد المتحدث ذاته اشتغال كل قطاع بشكل منفرد وبدون تنسيق مع باقي القطاعات المعنية ، مسجلا أن تحقيق الاستراتيجية للنتائج المرجوة مرتبط بتداخل البرامج المعنية .
وفي إبرازه تأثير غياب التقائية برامج محو الأمية على مستوى النتائج، سجل الخبير في مجال التربية والتعليم أنه يكفينا أن نقارن بين نتائج جهود وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي نجحت نسبيا في هذه المهمة وبين وزارة التربية الوطنية التي لم تحقق نتائج إيجابية .
ولم يتفق المتحدث ذاته مع من يحصر نجاح وزارة الأوقاف في الحافز الديني للمتعلمين فقط، معتبرا أن الوزارة المعنية توفر الفضاءات الملائمة والمؤطرين والمؤطرات المؤهلين لإنجاح هذه المهمة مقارنة مع وزارة التربية الوطنية .
وتساءل المصرح نفسه ما الذي يمنع من اعتماد برنامج موحدة بصيغ وأساليب بيداغوجية جامعة بالنسبة لجميع القطاعات؟ ، مبرزا أن استمرار تباعد الرؤى القطاعية في محاربة الأمية لن يؤدي إلا إلى تأخر تحقيق الغايات المرجوة من هذه البرامج .
واعتبر الصمدي أن استثمار إذاعة محمد السادس للقرآن الكريمة والقناة السادسة ساهم في نجاح تصور وزارة الأوقاف خلافا لباقي القطاعات في تقليص نسب الأمية التي لم تنوع من أرضيات تعليم المستفيدين من برامج محاربة الأمية ، لافتاً إلى أن وزارة الأوقاف استطاعت أن تدخل إلى المنازل وليس الاقتصار على المساجد .
واعتبر الصمدي أن الاستراتيجية لوحدها لن تكون كافية لتقليص نسب الأمية بين المغاربة ، مشيرا إلى أن الوكالة تقوم بعملية التنسيق فقط وقراراتها لا تكتسي طابع الإلزامية على الرغم من كونها هيئة تابعة لرئاسة الحكومة .
وعلى مستوى التأطير ومستوى المؤطرين، اعتبر الصمدي أن تفويض هذا الورش إلى الجمعيات ينعكس سلبيا على نتائجه بحكم أن المكلفين بهذه المهمة لا يتوفرون على تكوينات علمية في ببداغوجية تدريس الكبار .
وفي مستوى ثانٍ، لفت الصمدي إلى إشكالية الارتداد نحو الأمية بالنسبة لعدد من المستفيدين الذين تغيب في حالتهم التتبع والمواكبة ، مؤكداً أن انقطاع هذه الفئة عن الاستفادة من برامج محو الأمية يعيدهم إلى قائمة الأميين .