recent
آخر المواضيع

مشروع قانون الإضراب: خطوة نحو التنظيم أم قيد على الحريات النقابية؟

 
شهد اجتماع لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين، أمس الخميس 16 يناير 2025، نقاشًا موسعًا حول مشروع القانون التنظيمي المتعلق بشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، بحضور وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري. وتباينت مواقف المستشارين البرلمانيين المنتمين إلى مختلف التنظيمات السياسية والنقابية والمهنية، بين مؤيد يعتبره خطوة دستورية تعزز التوازن بين الحقوق النقابية ومصالح الاقتصاد الوطني، ومعارض يرى في بعض مقتضياته غموضًا يستوجب التدقيق.

فرق الأغلبية (التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة، الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية) أشادت بالمناقشات الواسعة التي سبقت عرض المشروع، معتبرة أنه يمثل نقطة تحول هامة في المشهد النقابي والسياسي المغربي، حيث يوفر إطارًا قانونيًا واضحًا لتنظيم حق الإضراب، ويحد من الممارسات الفوضوية التي قد تؤثر على مناخ الأعمال وجاذبية الاستثمار. كما أكدت أن إخراج هذا القانون، الذي يعد آخر القوانين التنظيمية التي نص عليها دستور 2011، سيساهم في تعزيز ثقة المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين.

في المقابل، عبرت فرق برلمانية أخرى، من بينها الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية، عن تحفظات جوهرية على المشروع، معتبرة أنه يضيق على الحق في الإضراب من خلال تعريفه المحدود لهذا الحق، حيث يقتصر على الأجراء الخاضعين لقوانين الشغل والوظيفة العمومية، متجاهلًا شريحة واسعة من العاملين في القطاع غير المهيكل. كما أشارت إلى أن بعض المقتضيات، مثل حصر المبادرة في النقابات الأكثر تمثيلية، قد تؤثر على مبدأ التعددية النقابية وتحد من قدرة النقابات المستقلة على الدفاع عن حقوق منخرطيها.

الاتحاد العام للشغالين بالمغرب أثنى على الروح الإيجابية التي سادت الحوار الاجتماعي، داعيًا مختلف الأطراف إلى الالتزام بمخرجاته بعيدًا عن أي مزايدات سياسية، مع التركيز على ضمان حقوق الشغيلة من خلال تشريعات واضحة وعادلة. في السياق ذاته، طالب الاتحاد المغربي للشغل بإصلاحات موازية تضمن حقوق الأجراء، مشددًا على ضرورة مراجعة مدونة الشغل وإحداث قضاء متخصص في منازعات العمل لتعزيز الضمانات القانونية لممارسة الإضراب.

من جهتها، أكدت مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أن المشروع في صيغته الحالية يفتقر إلى تعريف دقيق لمفهوم الإضراب، مما قد يثير إشكالات عند التطبيق، إضافة إلى العقوبات التي قد تحد من حرية العمال في الاحتجاج المشروع. وأشارت إلى أن مثل هذه المقتضيات قد تدفع العمال إلى أشكال احتجاجية غير منظمة خارج إطار القانون.

أما الاتحاد العام لمقاولات المغرب، فقد رأى في مشروع القانون خطوة أساسية نحو تحسين مناخ الأعمال وضمان استمرارية الخدمات الحيوية أثناء الإضرابات، داعيًا إلى تعزيز الضمانات القانونية التي تحمي المؤسسات الاقتصادية والطبقة الشغيلة على حد سواء.

في ظل هذا الجدل، يبقى المشروع قيد النقاش بين مختلف الفاعلين، وسط دعوات إلى التوازن بين حماية الحقوق النقابية والحفاظ على استقرار المؤسسات الاقتصادية، بما يتماشى مع المرجعية الدستورية والالتزامات الدولية للمغرب.

google-playkhamsatmostaqltradent