طمأن وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، يونس السكوري، المركزيات النقابية بخصوص مشروع القانون التنظيمي للإضراب باعتباره الصيغة المصوت عليها في مجلس النواب صيغة مؤقتة، متعهدا بتعديل عدد من مقتضياتها بمجلس المستشارين.
وبطلب من الشركاء الاجتماعيين و لا سيما النقابات أثناء انعقاد لجنة التعليم والشؤون للاجتماعية بمجلس المستشارين يوم الإثنين 6 يناير بمناسبة تقديم ومناقشة مشروع القانون التنظيمي الذي يحدد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب وفي إطار التوافق الذي حصل بالإجماع بين كل مكونات اللجنة، وجه الوزير يونس السكوري دعوة لعقد اجتماع مع النقابات الممثلة في مجلس المستشارين و الاتحاد العام لمقاولات المغرب يوم الأربعاء.
وحضرت كل من نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب والفيدرالية الديمقراطية للشغل وكذلك الاتحاد العام لمقاولات المغرب لمجريات هذا الاجتماع.
وأشارت مصادر الجريدة أن كل شريك اجتماعي عَبَّر عن مواقفه حول المنهجية المتبعة، مبرزةً أن مداخلات النقابات شددت على ضرورة احترام مؤسسة الحوار الاجتماعي بالإضافة إلى مجموعة من الملاحظات الجوهرية تخص عددا من القضايا لا سيما باب العقوبات وقضية احتلال أماكن العمل وضرورة تقليص الآجالات بالإضافة إلى تعريف الإضراب بحد ذاته بكونه يمارس بشكل فردي وجماعي بالإضافة إلى عدد من الملاحظات الأخرى.
ومن المرتقب، حسب المصادر نفسها، أن يتم تقديم مشروع القانون يوم الخميس 9 يناير 2025 على الساعة الحادية عشرة، داخل اللجنة المعنية على أن تتم المناقشة العامة يوم الأربعاء 15 يناير كما جاء ذلك في بيان رئيس اللجنة وهي البرمجة التي وافقت عليها بالإجماع كل مكونات اللجنة بعد نقاش دام أكثر من خمس ساعات.
وأبرز السكوري في تصريح للصحافة عقب جلسات عمل مع ممثلي عدد من المركزيات النقابية والاتحاد العام لمقاولات المغرب، أن الحكومة مقتنعة بأن نجاح إخراج هذا النص الحيوي من شأنه مواكبة التطورات الاجتماعية والاقتصادية وضمان ممارسة حق الإضراب دون الإخلال بحرية العمل.
وأضاف الوزير أن الحكومة تعمل مع الشركاء الاجتماعيين في إطار مؤسسة الحوار الاجتماعي من أجل إخراج هذا القانون في أحسن حلة، استجابة لانتظارات الشغيلة.
كما تقوم الحكومة، يضيف السكوري، بتقريب وجهات النظر بشأن عدد من الملاحظات الجوهرية في ما يخص آليات وميكانيزمات ممارسة الحق في الإضراب، مؤكدا في هذا الصدد على أن نص المشروع، في سياق مناقشته بمجلس المستشارين، سيخضع لتعديلات إضافية مهمة.
من جهته، أفاد يوسف علاكوش، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، بأن التعديلات الجوهرية التي قدمناها تروم تجاوز ثغرات النص السابق لسنة 2016 .
وأضاف علاكوش أن هذه التعديلات تمس في العمق تكريس الحق الدستوري المتعلق بممارسة الإضراب.
من جانبه، ذكر يونس فيراشين، عن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بمواقف نقابته، مشددا على ضرورة خضوع كل القوانين الاجتماعية، بما في ذلك قانون الإضراب، للحوار.
وأشار فيراشين إلى أن الحوار حول مشروع قانون الإضراب يجب أن يكون بمضمون تفاوضي ويراعى فيه الوقت اللازم قبل الحسم والوصول إلى توافق حوله من خلال تفاوض جدي.
من جهته، قال الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، محمد زويتن، إن الحكومة مدعوة إلى بذل مجهودات أكبر والتعاطي بشكل إيجابي مع المطالب المرتبطة بقانون الإضراب، من خلال الحوار القطاعي والاجتماعي، وتوسيع دائرة الحوار مع جميع النقابات خدمة لحقوق الشغيلة وتعزيز الحريات النقابية.
وشدد زويتن على ضرورة ملاءمة بعض المواد والمقتضيات في هذه القوانين انسجاما مع التغيرات الجديدة، داعيا الحكومة إلى تعزيز مأسسة الحوار مع المركزيات النقابية.
من جهته، أبرز الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، يوسف أيدي، أن التراكمات التي عرفتها ممارسة حق الإضراب بالمغرب لا يمكن أن تكون موضوع أي تضييق ، مسجلا أن الإضراب، باعتباره حقا مكفولا للشغيلة، لابد من الحرص على ضمانه وفقا للمقتضيات الدولية المعمول بها في هذا الإطار .
وسجل بإيجابية ما عبر عنه الوزير بخصوص انفتاح الحكومة على كافة التعديلات الجوهرية التي ستساهم بها الفيدرالية من داخل مجلس المستشارين، مؤكدا أن هيئته تزاوج بين مشروع القانون التنظيمي للإضراب وقانون النقابات الذي نعتبره قانونا مكملا في سياق تأطير المشهد النقابي وتقوية أدوار النقابات .
أما محمد فكرات، نائب رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، فنوه بهذا المسار الذي تميز بعقد مجموعة من الجولات والاجتماعات التي جرت في جو من النقاش الجاد والبناء، مؤكدا أن قانون الحق في الإضراب يكتسي أهمية بالغة نظرا لارتباطه الوثيق بالمناخ الاقتصادي الوطني والاستثمار والتزامات المقاولات.
وأشار إلى أن الهدف من هذه المناقشات حول مشروع قانون الإضراب هو إيجاد نسخة تقيم التوازن الكامل الذي من شأنه بناء علاقات سليمة تضمن السير الجيد للمنظومة المقاولاتية وتحافظ على سلاسة الاستثمار.
يذكر أن مجلس النواب كان قد صادق مؤخرا، بالأغلبية، على مشروع القانون التنظيمي بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب برمته كما عدله وصادق عليه المجلس بعد إعادة ترتيب أبوابه وفروعه ومواده.
وأمس الثلاثاء، كشفت مصادرنا كواليس اجتماع لجنة التعليم والشؤون الاجتماعية بمجلس المستشارين، المخصص لتقديم والمناقشة العامة لمشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، والذي توصل خلاله يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، إلى منهجية للعمل.
وتميز الاجتماع، وفق المصادر، بالمرافعات القوية التي قام بها ممثلوا النقابات بمجلس المستشارين، الذين طالبوا بضرورة السعي إلى التوافق داخل مؤسسة الحوار الاجتماعي قبل المضي في معالجة القانون على مستوى مجلس المستشارين.
وأوضحت المصادر أنه بعد ثلاث ساعات من النقاش، تم رفع الجلسة للتشاور، و هو ما تم بين الوزير ورؤساء الفرق وممثلي المجموعات.
و خلصت هذه المشاورات، تضيف المصادر، إلى حل توافقي بالإجماع يقضي بمباشرة الوزير لجولة مع الشركاء الاجتماعيين من أجل السعي إلى التوافق في إطار موسسة الحوار الاجتماعي.
ومن أجل فسح المجال أمام هذا الحوار البناء، تم الاتفاق بالإجماع على عقد اجتماع تقديم مشروع القانون يوم الخميس المقبل على أن تتم المناقشة العامة يوم الأربعاء 15 يناير.
و بهذا الإجماع على المنهجية، يكون مجلس المستشارين قد نجح في أول اختبار له في مناقشة قانون تنظيمي هام بحجم قانون الاضراب.