recent
آخر المواضيع

الإصلاحات التشريعية من منظور حقوق الإنسان محور ندوة علمية بكلية العلوم القانونية بالرباط

 
احتضنت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بجامعة محمد الخامس بالرباط، و ذلك صباح يوم الأربعاء 19 مارس 2025، ندوة علمية حول موضوع الإصلاحات التشريعية من منظور حقوق الإنسان ، التي نظمها المعهد العربي لحقوق الإنسان بشراكة مع مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، وبمشاركة نخبة من الأكاديميين والخبراء والحقوقيين وممثلي القطاعات الحكومية والمجتمع المدني.

افتتحت الندوة بكلمات ألقاها فريد الباشا عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال، حيث أكد على أهمية البحث الأكاديمي في مرافقة الإصلاحات التشريعية وتعزيز سيادة القانون.

خلال كلمة لها بالندوة أكدت نعيمة بن يحيى وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، أن حقوق الإنسان تشكل ركيزة أساسية لتحقيق كرامة الفرد وتعزيز وتيرة التنمية، مشيرة إلى أن أي إصلاح تشريعي لا يمكن أن يحقق أهدافه دون احترام المبادئ الحقوقية.

في نفس السياق أضافت بن يحيى، أن المغرب انخرط في دينامية إصلاحية واسعة، تجسدت في مبادرات تشريعية كبرى تروم ترسيخ دولة القانون، كما أن وزارة التضامن تعمل بدورها على تنفيذ مقتضيات الدستور والاتفاقيات الدولية، من خلال برامج تهدف إلى حماية مختلف الفئات الاجتماعية، مبرزة أن هذه الإصلاحات انعكست بشكل إيجابي على الوضع الحقوقي بالمغرب.

في هذا الصدد، أكد رئيس مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، الحبيب بلكوش، أن موضوع الندوة يكتسي راهنية خاصة، نظرًا لاستمرار المغرب في مسار الإصلاحات القانونية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، موضحا أن هذه الإصلاحات تعكس التزام المملكة بترجمة تعهداتها الدولية، ضمن رؤية سياسية تسعى إلى ترسيخ المشروع الديمقراطي وتعزيز الحقوق والحريات .

وأشار بلكوش إلى أن المغرب صادق على غالبية الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، كما أبدى حرصه على ملاءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية، مشددا على أن اعتماد المقاربة الحقوقية يجب أن يشكل منهجية ضرورية في وضع السياسات والتشريعات، خاصة في ظل متابعة توصيات الهيئات الأممية واستعراض التقارير الدورية حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب.

كما شهدت الجلسة الافتتاحية مراسيم توقيع اتفاقية شراكة وتعاون بين المعهد العربي لحقوق الإنسان وكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال، تهدف إلى تعزيز التعاون الأكاديمي في مجال الدراسات الحقوقية.

الجلسة الأولى: قراءة في الإصلاحات التشريعية ومسارها الحقوقي

تحت رئاسة ذ. بوعبيد شلاط، رئيس شعبة القانون الخاص، تناولت الجلسة الأولى الإصلاحات التشريعية الجارية في المغرب ومدى انسجامها مع المعايير الحقوقية. وقدم فؤاد مسرة، مدير ديوان وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، عرضًا حول إصلاح مدونة الأسرة، مستعرضًا أهم التطورات والتحديات.

من جهتها، ناقشت د. زهيرة فونتير، أستاذة بجامعة محمد الخامس بالرباط وعضوة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مشروع قانون المسطرة المدنية، مؤكدة على ضرورة تكريس حقوق الإنسان في الإجراءات القضائية. بينما ركز د. إدريسي مولاي رشيد على تطور قانون المسطرة الجنائية ومدى تحقيقه لضمانات المحاكمة العادلة. أما د. الحبيب بلكوش، رئيس مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، فقد أبرز دور المجتمع المدني في مسار الإصلاح التشريعي، مشددًا على أهمية التفاعل بين الفاعلين الحقوقيين وصناع القرار.

الجلسة الثانية : الإصلاح التشريعي من منظور البحث الأكاديمي

أما الجلسة الثانية، التي أدارها د. جواد النوحي، رئيس شعبة القانون العام والعلوم السياسية، تم التطرق إلى البعد الأكاديمي للإصلاحات التشريعية. تناول د. الحبيب الدقاق موضوع الحكامة البرلمانية في المجال الحقوقي، مشيرًا إلى ضرورة تعزيز دور البرلمان في مراقبة التشريعات الحقوقية.

أما د. عبد الحميد بنخطاب، رئيس الجمعية المغربية للعلوم السياسية، فقد ركز على فعلية حقوق الإنسان في ضوء الإصلاحات التشريعية، متسائلًا عن مدى تأثير هذه الإصلاحات على الواقع الحقوقي للمواطنين.

كما تم تقديم أوراق بحثية من طلبة الدكتوراه، حيث استعرضت سكينة قيش دراسة حول المناصفة والتمييز على أساس النوع الاجتماعي، بينما ناقشت د. صفية لكطيط موضوع الأمن السيبراني وحماية الخصوصية المعلوماتية. أما آمال شهي فقد سلطت الضوء على دور الغرفة الإدارية لدى محكمة النقض في حماية حقوق الإنسان، في حين قدمت زهرة سعيد مداخلة حول الأمن السيبراني وحقوق الإنسان بين حماية الحريات ومتطلبات الأمن الدولي.

الجلسة الثالثة: هندسة القوانين من منظور حقوق الإنسان وآفاق المستقبل

ترأس الجلسة الثالثة د. محمد أوجار، الخبير الدولي ووزير حقوق الإنسان ووزير العدل السابق، وناقش المتدخلون آفاق هندسة التشريعات وفق مقاربة حقوقية. قدم د. عبد الباسط بن حسن، رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان، تصورًا حول الشراكات كأفق لتعزيز الإصلاحات القانونية، بينما ركز د. عبد العزيز لعروسي، نائب عميد كلية الحقوق أكدال، على ملاءمة القوانين مع المعايير الحقوقية الدولية.

من جانبه، ناقش د. إدريس بلماحي التحديات التشريعية في ظل التحولات الرقمية، معتبرًا أن التكنولوجيا تفرض معايير جديدة يجب استيعابها في التشريعات الحقوقية.

اختُتمت الندوة بإعلان مبادئ الرباط، قدمته سميشة رياحة، مسؤولة برامج المعهد العربي لحقوق الإنسان بالمغرب، والذي شدد على ضرورة الاستمرار في ملاءمة القوانين الوطنية مع المعايير الدولية، وتعزيز دور البحث الأكاديمي والمجتمع المدني في تطوير التشريعات الحقوقية.

و في الختام، أكدت هذه الندوة العلمية أن الإصلاحات و التشريعية تشكل مدخلًا أساسيًا لتعزيز حقوق الإنسان، لكنها تظل رهينة بمدى استجابتها للالتزامات الدولية والتحديات الوطنية. كما أبرزت أهمية التفاعل بين الأكاديميين، الحقوقيين، وصناع القرار لضمان أن تكون هذه الإصلاحات حقيقية وفعالة، وليس مجرد تعديلات شكلية.

google-playkhamsatmostaqltradent