recent
آخر المواضيع

الحكومة تحصّن الحق في التعليم وتستحضر الصرامة أمام المدارس الخاصة


من بوابة مشروع القانون رقم 59.21 المتعلق بالتعليم المدرسي، تسعى الحكومة المغربية إلى اعتماد تدابير جديدة تخصّ هذا القطاع الحيوي، سواء تعلق الأمر بهيكلته وتحديد طبيعة مؤسساته والتدقيق في الهندسة البيداغوجية ونظام التقويم والامتحانات المدرسية، أو كل ما يرتبط بتمويل المرفق المدرسي العمومي وتشجيع البحث والابتكار.

الحق في التمدرس

ونصّ مشروع القانون سالف الذكر، الذي أُعدّ في وقت سابق وينتظر بدأ مساره التشريعي، على تسجيل جميع الأطفال المغاربة، ذكورا وإناثا، البالغين من العمر 4 سنوات إلى تمام 16 سنة، بمن فيهم الموجودون في وضعية إعاقة أو في وضعية خاصة، في التعليم المدرسي، على أن تقوم الدولة بتعبئة كل الوسائل اللازمة وتتخذ التدابير التنظيمية والمادية والتربوية والاجتماعية الضرورية لضمان ذلك.

كما أشار بالتحديد إلى المسؤولين عن هؤلاء الأطفال، والذين يتمثلون في الأب والأم، الوصي أو المقدم، الكافل أو مديري أو متصرفي مؤسسات الرعاية الاجتماعية والمراكز والمؤسسات المستقبلة للأحداث الجانحين أو الموجودين في وضعيات صعبة أو غير مستقرة أو في وضعية احتياج، موضحا أنه في حالة وجود نزاع بين الأم، تحرص الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديريات الإقليمية التابعة لها على التقيد بالقوانين الجاري بها العمل، ولاسيما أحكام مدونة الأسرة.

كما لفت المشروع الذي أعدّته وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ونال الضوء الأخضر من المجلس الأعلى للتربية والتكوين إلى أنه يتم على مستوى كل عمالة أو إقليم إحداث لجنة للتنسيق تتولى الإشراف على عملية تسجيل الأطفال بالتعليم المدرسي وتتبعها، لاسيما مواكبة عملية التصريح وتجديد التصريح والالتحاق بمؤسسات التعليم، واقتراح الإجراءات الكفيلة بمحاربة الهدر والانقطاع المدرسيين، على أن تحدد تركيبة لجنة التنسيق وتنظيمها بنص تنظيمي، مشيرا إلى أن الأشخاص المسؤولين قانونا عن رعاية الأطفال يمكن أن يواجهوا غرامة مالية تتراوح ما بين 2000 و5000 آلاف درهم.

وبيّن كذلك أنه من أجل المساهمة في مجهودات تعميم التعليم الإلزامي، تعمل الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديريات الإقليمية التابعة لها على تعزيز وتوسيع نطاق المدارس الجماعاتية، ولاسيما بالوسط القروي لتحل تدريجيا محل فرع المدارس الابتدائية”، مشيرا إلى أن تطوير ودعم المدارس الجماعاتية والرفع من أدائها في إطار اتفاقيات للشراكة بين الدولة و”الأكاديميات الجهوية” والجماعات الترابية وباقي المؤسسات العمومية والهيئات العامة والخاصة، ولاسيما جمعيات المجتمع المدني.

التعليم المدرسي والاستدراكي

حَدد مشروع القانون رقم 59.21 المتعلق بالتعليم المدرسي كذلك مكونات التعليميْن المدرسي النظامي والمدرسي الاستدراكي؛ هذا الأخير يضم الأقسام الاستدراكية وأقسام أو مراكز الفرصة الثانية التي تحدثها الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، أو في إطار اتفاقيات للشراكة بينها وبين المؤسسات والهيئات العامة والخاصة وباقي الشركاء، بما في ذلك جمعيات المجتمع المدني.
كما أوضح مشروع القانون ذاته، الذي يترقّب المصادقة من قبل المجلس الحكومي، أن الجماعات الترابية تساهم، في حدود الاختصاصات الموكولة إليها بموجب قوانينها التنظيمية، في تحقيق أهداف التعليم المدرسي، وذلك فيما يتعلق بالنقل المدرسي داخل الوسط القروي والوسط شبه الحضري والمناطق ذات الخصاص، وتأهيل وصيانة فضاء مؤسسات التعليم المدرسي ومحيطها الخارجي، إلى جانب كل ما يتعلق بالحراسة والنظافة وتنمية الرياضة المدرسية والأنشطة المندمجة والثقافية والفنية.

وذكر كذلك أن السلطة الحكومية المختصة تضع رهن إشارة الجالية المغربية المقيمة بالخارج موارد بشرية وبرامج تعليمية وتربوية، وذلك بهدف ترسيخ الثوابت الدستورية للبلاد لأبنائهم وتعريفهم بهويتهم الوطنية متعددة المكونات ومؤسساتهم الدستورية وبالموروث الثقافي الوطني بمختلف روافده.

الصرامة أمام الخواص

ولم يقف مشروع القانون نفسه عند هذا الحد؛ بل اشترط كذلك توفّر مجموعة من العناصر الرئيسية لدى المؤسسات التعليمية بالقطاعين العام والخاص، بما فيها مشروع للمؤسسة مندمج كإطار منهجي موجه لمجهودات جميع الفاعلين التربويين والشركاء وآلية عملية لتنظيم وأجرأة مختلف العمليات التربوية والتدبيرية، إلى جانب “مشروع المؤسسة المندمج” ووحدات للدعم النفسي والتربوي ونظام داخلي، مع فتح الباب أمام تأسيس جمعيات للآباء وأولياء أمور التلاميذ، وفقا للمادة 35 من مشروع القانون المذكور.

كما ألزم المستثمرين في مجال التعليم الخصوصي باتباع معايير الجودة والمحاسبة والمسؤولية ومعايير التجهيز والبنايات المدرسية والتأطير والتوجيه المدرسي والمهني والبرامج المقررة في التعليم المدرسي العمومي وإحداث المرافق الرياضية التي تمارس فيها حصص التربية البدنية.

واشترط على هذه المؤسسات التعليمية الخاصة كذلك (في حالة تريد تقديم تعليم أجنبي بالمغرب) احترام المؤسسات الدستورية للبلاد وتلقين الأبناء الذين يتابعون تعليمهم على مستواها البرامجَ التي تعرفهم بهويتهم الوطنية، بما فيها تلقينهم اللغتين الأمازيغية والعربية، والتعريف بمؤسسات البلاد الدستورية وتقديم برامج الدعم التربوي ومنح دراسية لفائدة أبناء الأسر المعوزة. كما حتّم عليها ضمان حق التمدرس للمتعلمين بها بشكل منتظم.

وبرز في هذا الجانب توجّه صريح نحو إعمال المزيد من الصرامة في وجه هذه المدارس الخاصة من لدن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، حيث أحال مشروع القانون رقم 59.21 على غرامات تخص حالا ارتكاب مخالفات بعينها، بما فيها تغيير البرامج والمناهج، التوسعة بدون ترخيص، تغيير المقر أو استعمال كتب غير مرخص بها أو حرمان متعلم من متابعة دراسته أو رفض تسليمه شهادة المغادرة.

وتعاقَب المؤسسات التعليمية الخصوصية بغرامة تتراوح ما بين 10 و50 ألف درهم، في حالة ارتكابها هذه المخالفات، على أن ترتفع في حالة العود إلى 100 ألف درهم في الحد الأقصى. كما تُعاقب بغرامة ما بين 5 آلاف و20 ألف درهم في حالة “استخدام مربيا أو مدرسا لا تتوفر فيه الشروط المطلوبة، أو تسجيل إو إعادة تسجيل متعلم لا يتوفر على تأمين فردي واسمي عن الحوادث المدرسية، في حين تصل الغرامة إلى 50 ألف درهم في حالة العود، وهي الغرامات التي يحررها موظفون منتدبون من لدن الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، إلى جانب ضباط الشرطة القضائية.

تمويل التعليم المدرسي

وبعدما ركز مشروع القانون رقم 59.21 على ما يتعلق بالهندسة البيداغوجية والبرامج والتكوينات والتوجيه المدرسي والمهني، أشار كذلك إلى المعطى المتعلق بـتمويل التعليم المدرسي العمومي، إذ أوضح أن المقاولات العمومية والقطاع الخاص وباقي الشركاء يساهمون إلى جانب الدولة في تمويل التعليم المدرسي، وذلك للنهوض بهذا الأخير.

كما أكد أن مؤسسات التعليم المدرسي بالقطاعين العام والخاص تخضع لتقييم سنوي يستهدف مردوديتها التربوية والإدارية ونظام حكامتهما وجودة الخدمات التي تقدمها، وذلك في إطار وطني مرجعي يوضح لهذا الغرض من لدن الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بكل الوسائل المتاحة (..)، مع منحها علامة الجودة لهذه المؤسسات المستوفية للمعايير والشروط المحددة بنص تنظيمي.

 

google-playkhamsatmostaqltradent